إقامة العدل في العقوبات

يقول تعالى (وَإِنۡ عَاقَبۡتُمۡ فَعَاقِبُوا۟ بِمِثۡلِ مَا عُوقِبۡتُم بِهِۦۖ وَلَىِٕن صَبَرۡتُمۡ لَهُوَ خَیۡرࣱ لِّلصَّـٰبِرِینَ )؛ هذه الآية مِن النّصوص الدّالة على وجوب الاتزان في العقوبات، وهذا يشمل جميع أنواع العقوبات بما في ذلك القوانين المنظمة للنّاس سواء في المؤسسات أو غيرها.  

وقد أفادتنا النصوص الإلهية -المتعلقة بالعقوبات واسترجاع الحقوق- أنّ الغرض من إيجاد العقوبات ليس التنكيل والانتقام، وإنّما لإقامة العدل، واستقامة الفرد، ونشر الأمَان في المجتمع. وأنت تلاحظ عند ذِكر العقوبات يُذكر معها الصبر والتقوى. فالصبرُ يحقّق التّربيةَ؛ مِن جهة أن هذا الصّابر صارَ مَثَلًا يُقتدى به في التّعامل الإيجابي مع الوقائع، وفعلُه صَار درسًا قد يَحمِل الظلمةَ وغيرَهم على مَنع النّفس مِن الوقوع في الظلم، والرّجوعِ إلى الصّواب بكل تواضع وثبات رغبةً في الأجر ونشر الخير. وأمّا التّقوى -في مقام العقوبة- فإنّها تحقّق العدلَ؛ حيثُ إنها تقف سدًّا منيعًا من المعاقبة بأكثر مِن درجة الخطأ، أو المعاقبة عَلى أمرٍ قد لا يكونُ خطأً أصالةً إلا في نَظر المعاقِبِ. فليس كلّ خطأ يُعدّ خطأً، وليستْ كلّ عقوبة تعدّ مقبولة؛ فَلَوْ حَدثَ أنْ عاقبَ إنسانٌ غيرَه على أمرٍ ليس خطأ أو عاقب بعقوبة أشدّ درجة من الخطأ فإنّ هذا المعاقِبَ ينتقلُ من صفة المظلوم -صُوريا- إلى صفة الظالم المعتدي -شرعًا وواقعًا-، وتلزمه التّوبةُ وإرجاع الأمور إلى نصابها.


تعليقات