المشاركات

عرض الرسائل ذات التصنيف لغة وأدب واقعي

أين رحمة الله... ؟!

سؤال ليس بالغريب سألنيه أحد المعارف عن رحمة الله تعالى فقال: نرى أطفالا أبرياء(!) يُقَتلون أو يهلكون في حوادث جداً أليمة : فأين تجد رحمة الله ؟ فأجبته بسؤالين الأول -من جهة الشر- قلتُ -على سبيل المثال-: لو رأيتَ فرعون رضيعا –وأنت تعلم أنه طاغية!- ماذا أنتَ فاعل به؟ ومثله جبابرة اليوم والغد... والثاني -لكنْ من جهة الخير-: ولو قُدّر أن طِفْلا من أولئك، خُيّر بين الرجوع إلى الدنيا ومَا عند الله تعالى: فماذا -يا ترى!- سيكون جوابه؟ فأجابني: سلّمتُ لك بذاك... ولكن ما تقول في إيلامهم...؟! قلتُ: ومن خالقهم؟! قال: الله. قلت: وهل تجد أرحم من الله تعالى على عباده.. قال: لا! قلتُ: فما الذي يحيرك -إذًا-؟! قال: لا شيء...! ولكنْ يؤلمني أن أرى طفلا يتألم ...و...و...وراح يفصّل، ويصوّر حتى بكى... قلتُ -وأنا أشير إلى دموعه!-: من الذي أودع في قلبك كلَّ هذه الرحمة حتى بكتْ عيناك؟! قال: الله. فنظرتُ إلى السماء فقلتُ: ما أرحمك يا الله! فسكتَ لحظات... ثم قال: الآن! عرفتُ معنى قوله تعالى (وهو أرحم الراحمين)! فحمدتُ الله تعالى....ودعوتُ: اللهم ثبتنا...!

حينما يتساوى عالَـمَان

  جَاء في (مقاييس) ابن فارس بأنّ الأصل في لفظة (الطفل) «هو المولودُ الصّغير»، والعرب تقول :«أطفلت المرأة» إذا صارَ لها طفلٌ»[معجم الفروق]؛ وتنتهي هذه المرحلة إلى بلوغِ الحلم، وفي ذلك يقول سبحانه وتعالى:«وإذا بلغ الأطفال مِنْكم الحلم». ومِنْ قول بعض الشّعراء: (فاضرِبْ وليدَكَ، وادلـُلْهُ على رَشَدٍ***ولا تَقُلْ: هو طفلٌ غيرُ مُحتَلِم).   والكثيرُ منَ النّاس يظنّ بأنَّ عالَـمَ الأطفال عالمٌ ساذَجٌ لا حظَّ له لا مِنَ الذكاء ولا من الذّهاء، وأنّهم إذا ذُكِروا فإنّهم لا يُذْكرون   إلاّ لِتعْداد متاعب الأمهات الآباء الذين كانوا – هُمْ أطفالاً- في يومٍ " ما " . وفي الواقع؛ فإنَّ الواقعَ يُكذّبُ ذَلك، فعلماء هذا (العالم الصغير واللّطيف) يقرّرون بأن هذا العالم -وإن كان صغيرًا- فهو مُفعمٌ بالفِطنة والذّكاء والذّهاء. ولأهمية هذه المرحلة مِنَ العُمر فقدِ اعتنى بها الشارع الحكيم، حيث إنّ القرآن ذكرَها في أربعة مواضع: في (النور:31؛ 59): تعليمًا الكبارَ كيف يؤدّبون صغارهم؛ وفي (الحج:5)، و(غافر:67): تذكيرًا للكبير بمرَاحل حياته. والسّنّة -كذلك- لم تهمل جانبًا من ذلك؛ كتعليم الصلاة

نداء من طفل غزةَ

  أَنينٌ في أَرْضِ غزّةَ؛ اسْمعُوا!      ///////  فهَلْ عرَفتُمُ الصّوتَ وَصورَتِي؟!     ناديْتُ أهْلي، بَلْ وجَيراني؛ هُمُ  ///////  أشْلاؤهُمْ طَارتْ؛ فمَنْ لي لِنَجْدَتي؟! غَزَا اليهودُ أرْضِي، هَدَمُوا    ///////  بَيْتي، وعِرضِي هَتَكوا وَأُسْرَتِي!! "مَامَا" ويا "سَارَا"؛ فأينَ أنتُمُ؟!  /////// خُذُوا دَمِي، وَرُوحِي، وَرَاحَتِي! فَصَاحَتْ! "يَا وَيلَكُمْ" تَوَقّفُوا    ///////  دَمِي لُهُ حياةٌ، وَغَزّتي!   يَا وَلَدِي! لاَ تلتفِتْ إنّهمُ   ///////  إنْ قَتَلُوكَ؛ تزْدَدْ مُصِيبَتِي! مَسَحْتُ دَمْعَ أُمّي...قَبّلْتُهَا    ///////  وَوَجْهُهَا لِلْقِبلَةِ، وَوِجْهَتِي!  خَرَجتُ مُسـْرِعًا...رَصَاصًا أَطْلَقُوا   /////// فَازْدَدْتُ إِقْدَامًا؛ لأحْمِيَ جِلْدَتِي!! يَا أُمَّةَ التّوْحيدِ أيْنَ أنْتمُ؟  /////// فَهَلْ دَمِي رَخِيصٌ وَحُرْمَتِي؟! فَعَنِّي  – وربِّ- رَبِّي سَائِلٌ    ///////  وَعَنْ مَوتِ أُمِّي وَأُمَّتِي!      فَلَا  " الْحَليبَ "  أبْغِي؛ وإنَّمَا...  /////// لِلدّينِ عُودُوا...ذَاكَ بَابُ نُصْـرَتِي! شِعَارُكمْ أَمْرُ الرّ

رحلة الفن في عالم الخيال

  كلنا كان يسمع - ولا يزال - أن أيَّ فنان حقيقي يمتلك خيالًا واسعًا، أو: مَن يملك خيالًا واسعًا فهو الفنان الحقيقي، ويحمل على هاتين المقدمتين أن الأطفال جميعهم فنانون حقيقيون؛ لامتلاكهم خيالات واسعة جدًّا لا حدود لها؛ لذلك إذا أردت أن تصبح فنانًا حقيقيًّا فما عليك إلا أن تكون طفلًا... أظنك سترد عليَّ بهذا المنطق: الزمن لا يرجع إلى الوراء؛ فلن أعود طفلًا، إذًا مستحيل أن أصبح فنانًا! فما المخرج من هذا المأزق؟ والجواب عن ذلك في هذا السؤال:  هل جربتَ أن تستعين بالأطفال في حلِّ مشكلاتك؟! اعرِضْ أفكارك عليهم، أو اجعلهم يعرضون أفكارهم عليك؛ فهم يملِكون المقومات الأساسية الكاملة لأي نجاحٍ مرجوٍّ: البراءة، وسلامة القصد، والعفوية، والحب، والجرأة، وعدم التصنُّع، وعدم التكلُّف، وقدرة الإقناع...   ولا أشك أنك ستعترض عليَّ - كما اعترض ذاك الصديق - بقولك: الناس اجتمعوا على قولهم: اسأل مجرِّبًا ولا تسأل طبيبًا! كيف تطلب مني أن أسأل طفلًا؟!   فإذا بلغ بك الاستغراب إلى هذا الحد، فلماذا تسألني - إذًا - عن " كيف تصبح فنانًا؟"؟! فأنت قلت بأنك تريد أن تصبح فنانًا لا طبيبًا؛ لذلك أعطيتك هذه الوصفة،

ضحايا المسرحيات والتّمثيليات

  مسلسل... فيلم... مسرحية...  مقاطعٌ كاذبة من تمثيليات صورية يديرها أناس حقيقيون يُتاجرون بمشاعر النّاس مِن أجل شهوات زائلة، لا تساوي في ميزان ربِّنا جناح بعُوضة.. كانَ النّاس يتعجبون مني كيف لا أهتمّ بمثل هذه الفنون(!)؛ فكان جوابي: لأني أعلم أنها كذب!! يجعلونك تبكي وتفرح، وترتعدُ وترتعب بينما هم أبصارهم كأنما سُكِّرتْ مِن هَوس العظَمة، وجنون الزعامة؛ فلا يهمّهم - بعدُ -ما يحدثُ لغيرهم ولو كانوا منهم!   يعمَلون في وقتٍ النّاس فيه بين قائم وعابد وتالٍ للقرآن لا يدرون ماذا يخبَّأ لهم - منهم!- في حلْقةٍ قادمةٍ -قَدِيمة بأطلالها... جديدة بأبطالها- غير أن النّاس يحسّنون الظن بهم على أنّهم سيعالجون - بمسرحياتهم!- قضاياهم: ( فالمؤمن غرّ كريم )...أكرمهم بحسن الظن طمعًا في أن يتحمّلوا عنه الألـم والشقاء...ثم النتيجة: كذب وافتراء، وأكل للضعفاء...! تنقضي فصول مسرحية بشدتها ولأوائها، فيؤوب أبطالها إلى ديارهم سالمين غانمين مخلِّفين محبيهم غرقى في آثام اللقاء، هلكى من آلام الفراق!   يسترْخصون أنفسَ من تعلَّقوا بهم في متاجرة جائرة غير عادلة، مِن أجل متابعة بطلٍ وهو في ساحة اللقاء... بمَن...؟! بحبيبته

وقفة قصيرة مع المعاريض

التعريضُ لغة: ضِدُّ التصريح، والمعاريض في الكلام: هي التَّوْرِية بالشيء عن الشيء؛ " مختار الصحاح: مادة عَرَضَ ". وهو ضَرْب من ضروب الكَذِب؛ يقول شيخ الإسلام (28/ 223): "وهي كَذِبٌ بِاعتِبَارِ الأَفهَامِ، وَإِن لَم تَكُنْ كَذِبًا بِاعتِبَارِ الغَايَةِ السَّائِغةِ"؛ فلذلك كان منها المذموم، ومنها المحمود. فالمحمود: ما كان لتحصيل الحقِّ، أو دفع الظلم، مثل كَذِبَات نبي الله إبراهيم - عليه السلام - قال نبيُّنا - صلى الله عليه وسلم -: ((لم يكذب إبراهيمُ إلا ثلاثَ كَذِبَات، كُلُّهن في الله))؛ وعلى ذلك أجاز العلماء المعاريض عند الحاجة، يقول شيخ الإسلام في " مجموع الفتاوى " (28/ 223): "وبها - أي: ثلاثة المعاريض - احتجَّ العلماء على جواز التعريض للمظلوم، وهو أن يعني بكلامه ما يحتمله اللفظ، وإن لم يفهمه المخاطب؛ ولهذا قال مَن قال مِن العلماء: إنَّ ما رخَّص فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنَّما هو مِنْ هذا، كما في حديث أم كلثوم بنتِ عُقْبَةَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((ليس الكاذب بالذي يُصْلِحُ بين الناس، فيقول خيرًا أو ينمي

معذرةُ ابنٍ بارّ

أيّها الحلم الجميل..!  أيها الرّجل الحلوم...! وَالدِي الذي لم أرَ مِثْله... يعاتبني كما يعاتب الصديقُ صديقَه... ويواسيني كما يواسي الأخُ أخاه... ويحفزني كما يحفّز الأستاذُ تلميذَه... ويَضُمّني إلى صدره ليمدّني بروح الرّجولة في زمن لا تكاد تعثر على رجلٍ مثل أولئك الرّجال...!! ومعَ كلِّ ذلك وبعد كل هذه السنين... أضربُ هذه الصداقة وهذه الأخوة وهذه التلمذة وهذه الرجولة عُرض حائط تسوّرته لأقترف ما يقترفه الجاهلون بِقِيَم مجتمعهم وقِيمة دينهم ينشدون شهرة زائلة، وحياة مترفة! كلّ ذلك حدث في ساعةٍ أحاط بي طيش الأصحاب، وغلبني ميول الشباب؛ فنامت العينان وزاغ القلب وطاشتْ الجوارح؛ فَلم أعدْ أرى أمامي صورتك الجميلة التي آليتُ على نفسي أن أحملها مادمتُ حيّا! فيا ليتني متّ قبل هذا وكنتُ نسيا منسيا!! ويا ليته كانَ حلماً من تلكم الأحلام... ولا يضرني - بعدُ - أن لا أجد لها مًعبّرًا حبيبًا خبيراً...!! إنّ جوارحي - الآن! - كلّها تهتزّ ممّا اجترمتُ؛ لتعبّر لك عن أسفها، وتبوح لك بغَضَبها، وتفضي إليك بأحزانها؛ كأنها تنتظر منك الإذن بالانتقام من هذا الابن العاقّ... الذي سرق بسماتك، وقطع عنك

هل نقول (الشّريعة صَالِحةٌ لكلِّ مكانٍ وزمانٍ) أم (مصلحة لكل مكان وزمان)؟

الحمدُ لله حمدًا كثيرًا طيّبًا مباركًا فيه وأُصلّي وأُسلّم على نبِيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وبعدُ: فهذه لطيفةٌ مِنْ فضول العِلْم تطرّقتُ إليها -باختصارٍ- تخص استعمال مصطلح (صالح) و(مصلح) في معرض الكلام عن نصوص الوحيين. وهي مسألةٌ –في الواقع- ليستْ خطيرةً ولا ذاتَ خطورةٍ لتحظى بكلّ هذا الاهتامِ ولكنَّ المقصد ترويض النفوس على قبول الخلاف وسماع الرأي المخالف. وفي هذا المبحث الموجز سيتضح للقارئ الكريم بأنّ الأمرَ واسعٌ فلك أن تقول (الشريعة صالحة) أو(مصلحة) بل إنَّ استعمالَ لفظِ (صالح) هو الأوفر حظًا من حيث اللغةُ والأكثر استعمالا عند أهل الاختصاص. فأقولُ –وبالله التوفيق- : يرى أهلُ الاشتقاق بأنَّ أصولَ مادةِ (صَلَح)   تدلّ على خلافِ الفَساد. يُقال: صَلَح الشّيء يصلُح صَلاحًا [المقاييس 3: 303]. ويقول الأزهريُّ في (التهذيب): الصّلاحُ نقيضُ الفسادِ، والإصلاحُ نقيض الإفسادُ. رجلٌ صالح: مُصْلحٌ والصّالح في نفسه والمصلح في أعماله وأموره . ومِثلُ هذا الكلامِ تجدُه في (كتابِ الأفعال) للسّرَقسطي، وفي (كتاب العين) إلا أنّه زاد: والصّلاح ضدّ الطلاح. وفي (معجم الفروق) في (الفرق بين الصا

لا نكير في استخدام كلمة (بسيط) بمعنى (السهل اليسير)

إنّ انتقالَ ألفاظِ العربية مِن   معناها الأصليِّ إلى معانٍ أخرى مجاورة موجودٌ بكثرة، فكلمةُ (البسط ( معناها الأصليّ نقيض القبض .   ولكنَّ هذا المعنى قد نُقل ليستعمل في معان أخرى، فتقول العرب –مثلاً-:"امرأة بسطة: جميلة، حسنة الجسم سهلته" [لسان العرب] ؛  والشاهد هنا: (سهلته). وأحد استعمالات لفظ (بسط): الأرض البسيطة: قال : "وأَرض بَساطٌ وبَسِيطةٌ مُنْبَسطة مستويَة" [لسان العرب] . ومستوية بمعنى سهلة، وجاء في (تاج العروس): "...لا نَبَلَ فيها؛ والنبل: بفتح النون المشددة والباء: العظام من الحجارة". قلتُ :  ومنه قول الناس: الجهل البسيط والمركب؛ فالمركب يستعملونه بمعنى معقد . وحقيقة الأمر المركب: أصلها رَكَبَ، والشيء الذي يُركّب على شيء هو: مركَّب . فلما اتحد الراكب والمركوب، أخذ نوعًا من الصعوبة والتعقيد، وهو نقيض معنى السهولة؛    لأنّ (السهل) هو الذي حينما تراه تميّز ما عليه دون عناء وتسير عليه – كذلك-. وأمّا مع عكس ذلك فيلزمك أن تميّزَ كلَّ ما يحتويه منْ مكونات ممّا فيه مشقة ظاهرة . ومن هنا استعمل النّاس البسيط بمعنى ال