المشاركات

عرض الرسائل ذات التصنيف مع القرآن وصور من الواقع

تحذير لكلِّ مَن تُسوّل له نفسُه نشرَ الفواحش

صورة
  ﴿ إِنَّ ٱلَّذِینَ یُحِبُّونَ أَن تَشِیعَ ٱلۡفَـٰحِشَةُ فِی ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِیمࣱ فِی ٱلدُّنۡیَا وَٱلۡـَٔاخِرَةِۚ وَٱللَّهُ یَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ ﴾   تحذيرٌ لكلِّ مَن تُسوّل له نفسُه نشرَ الفواحش في المسلمين المؤمنين .   قال ابن عاشور : "واسْمُ المَوْصُولِ   -أي: الذين- يَعُمُّ كُلَّ مَن يَتَّصِفُ بِمَضْمُونِ الصِّلَةِ فَيَعُمُّ المُؤْمِنِينَ والمُنافِقِينَ والمُشْرِكِينَ، فَهو تَحْذِيرٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وإخْبارٌ عَنِ المُنافِقِينَ والمُشْرِكِينَ . وجَعَلَ الوَعِيدَ عَلى المَحَبَّةِ لِشُيُوعِ الفاحِشَةِ في المُؤْمِنِينَ تَنْبِيهًا عَلى أنَّ مَحَبَّةَ ذَلِكَ تَسْتَحِقُّ العُقُوبَةَ؛ لِأنَّ مَحَبَّةَ ذَلِكَ دالَّةٌ عَلى خُبْثِ النِّيَّةِ نَحْوَ المُؤْمِنِينَ "   وقال السِّعدي : "فإذَا كَانَ هَذَا الوَعِيدُ لمجرّدِ محبّة أن تَشيعَ الفاحشةُ، واستِحْلاء ذلك بالقَلب، فكيفَ بما هُو أعظم مِن ذلك مِن إظهاره وَنَقله ؟ "  

القرآن كتاب عبادة ومنهج حياة: فكيف نعمل به؟

ليس الغرض من هذه المقالة التعريف بالقرآن وبيان أهميته، فيكفي أنَّ المسلم عَلى علمٍ أنّ الله تعالى لم يخلق الخلق عبثًا، ولم ينزل كتابه إلا ليكون كتابَ علم وعبادة وهداية وحياة لا كتاب أدب وقصص وزينة. وأنّ الله تعالى قد تكفل بحفظه لفْظًا ومعنى؛ فاللفظ حفظه –تعالى- في الصدور إلى أن وصل إلينا مكتوبًا ويطبع بملايين النسخ، وكذلك تكفل –تعالى- بحفظ معناه، قال النبي صلى الله عليه وسلم (لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي قَائِمَةً بِأَمْرِ اللَّهِ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ أَوْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ عَلَى النَّاسِ) مما يدل على استمرار هذه الطائفة بالعمل بكتاب الله وسنة رسوله وفق مراد الله ومراد رسوله إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها؛ قال تعالى:(إنَّا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) قال السعدي :"في حال إنزاله وبعد إنزاله، ففي حال إنزاله حافظون له من استراق كل شيطان رجيم، وبعد إنزاله أودعه الله في قلب رسوله، واستودعه فيها ثم في قلوب أمته، وحفظ الله ألفاظه من التغيير فيها والزيادة والنقص، ومعانيه من التبديل، فلا يحرف محرف معنى من معانيه إلا وقيض ا

وقفة مع قوله تعالى (ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون)

  الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن سار على سنته إلى يوم الدين أمّا بعد: فإن الكلام على الظلم والظالمين لم يغفله المصنّفون والمربّون على مر الأزمنة والعصور، وذلك لأن الظلم خلق ذميم تأباه النفوس المستقيمة، ولا تتقبله إلا الأنفس السّقيمة. فالظالم لا يستحيي من أن يتعدى -جهارًا- على غيره من بني جنسه بقوته التي لا يملكها المظلوم –في وقتٍ ما- فيسلبه حقوقه الطبيعية البشرية والشرعية. والذي يتساءل عنه الكثير: لماذا تجد بعض الظالمين مستمرين في الظلم ومع ذلك يحيون حياة الرغد طوال حياتهم "الطويلة"؟ وهو سؤال مشروع أجاب عنه شرعنا الحنيف بجواب خالدٍ من رب العزة والجلال ليكون تسلية للمظلوم ووعيد لكل ظالم فاقدٍ للعقل والحياء والدِّين، ولكل ظالمٍ فاقدٍ لكلّ ما هو متصل بشيءٍ اسمه "إنسان"! يقول تعالى: (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ(1)   . فهذه الآية الكريمة جاءتْ عامّة لكلّ ظلم وظالم ومظلوم، مزيلة لتلكم التساؤلات، مُسلية لآهات المظلومين، قال القشيري:

كلمة قصيرة: ما عنوان خطبتك؟

  يصيب بعض الخطباء الهمّ، ويحيط بهم الغم وهم يبحثون في فهارس الكتب عن موضوع خطبة. والسعيد منهم من ينقل خطبته من كتب الخطابة المعلومة، يلقيها على مسامع الناس في تصوير عملي لأحد أنواع تحمّل الرواية. فيخرج جمهور المصلين ظافرين بتسلسل السماع، واتصال السند، و-ربما- مع علوّ إسناد. فهل هذه هي وظيفة الخطيب؟! أم وظيفته الشرعية البحث في فهرس الأمراض المحيطة بمجتمعه، فينقل العلاج النبوي في موعظة بليغة، وكلمة وجيزة تذكرهم بالله تعالى وبالآخرة، فيخرج النّاس من مساجدهم بهمم عالية، ونفوس طيبة؛ يرجع الظالم عن ظلمه، والضال عن ضلاله، والبخيل من بخله، والعاق من عقوقه، وغير ذلك... فعلى سبيل المثال لا الحصر: إن فشا الشرك في مجتمعه تكلم عنه، وإن فشا الغناء تكلم عنه، وإن فشا الربا تكلم عنه، وإن فشا البخل والطمع تكلم عنهما، وإن فشا منع الزكاة والصدقات تكلم عنه، وإن فشا الكِبر تكلم عنه، وإن فشا الكذب والدجل تكلم عنه وإن فشا ظلم التجار وأصحاب العمل تكلم عنه، وإن فشا قتل النفس بغير حقّ تكلم عنه، وإن فشا استهتار الناس في الطرقات تكلم عنه، وإن فشا العقوق تكلم عنه، وإن فشا خطف الأنفس البريئة تكلم عنه...فما أك

(أولو الألباب) في القرآن من خلال "تفسير المنار"

الحمدُ لله ربِّ العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن سار على هديه، وبعد: فهذه ومضات عن (أولي الألباب) في القرآن الكريم مستلَّة من تفسير المنار للعلامة محمد رشيد رضا رحمه الله وعفا عنه، فأقول بداية: جاء في معاجم اللّغة أنّ "لب كل شيء، ولبابه: خالصه وخياره، واللب: العقل، والجمع ألباب واللبيب العاقل". [لسان العرب: 1/ 730]. [القاموس المحيط: 133]. بين العقل واللب: "وإنما سمي العقل لبًّا؛ لأن اللبّ هو محل الحياة من الشيء، وخاصته وفائدته، وإنما حياة الإنسان الخاصة به هي حياته العقلية، وكل عقل متمكن من الاستفادة من النظر في هذه الآيات والاستدلال بها على قدرة الله، وحكمته". [تفسير المنار: 4/ 245]. أُولَى مراتبِ العلم الفهمُ! وقد وردتْ لفظةُ ( أولي الألباب ) في ستة عشر موضعًا جاءتْ مرتبطة بأربعةِ معانٍ رئيسيةٍ لا تنفك عن بعضها البعض: التقوى، والتذكر والتدبر، والتفكر والاعتبار، وحسن الاتباع. وجميعها لا تدرك إلا بالعقل السّليم والفهم السّليم. وفي ذلك يقول محمد رشيد رضا: "وإنّما الدرجة العليا للسماع أن تسمع فتفقه، وتعقل وتتدبر فتعتب