المشاركات

عرض الرسائل ذات التصنيف فرص استثمارية إصلاحية في زمن (البلادة)

الحلقة الأولى: توطئة (3) – ماذا تريد من ربك..ماذا تريد من الله تعالى؟

استعرضنا في الحلقات السابقة حقائق متفقين عليها، وتَذاكرنا أنّ العبدَ ميّت لا محالةَ وراجعٌ إلى ربه، وأنَّ ما يُجمع للدنيا مِن مُلك وشهرة وقوّة ليس بآخذه، وأنّ لا شيء من ذلك نافعه إلا ما كان لله تعالى خالصًا صالحا...وأنّ العبد إذا أصلح نفسَه وأعمالَه فإنّ العمل الجماعي كيفما كان سيكون صالحًا نافعًا؛ لأنّ التمسّك بالدين الإسلامي لا ينافي قابلية التطور واستدامته، بل الأمرُ نقيض ذلك؛ فالتمسّك بالدّين ظاهرًا وباطنًا والاعتزاز به هو أساس التطّور العادل والمستمر والنافع أفرادًا ومجتمعات. وتذاكرنا أيضًا أّنّ العبد سيقف منفردًا أمام الله سبحانه وتعالى، لا ينظر إلَّا إلَى صحيفة الأعمال. وههنا –مهما كُنتَ- أجدُ نفسي أسألك: أفَلا يستحق مثل هذا الموقف لحظةَ تفكير؟ لحظة ملاقاتك لتلك الحقيقة المطلقة. ثمّ اسأل نفسك هذا السؤال: مَاذَا تُريد مِنَ الله الذي سَتقابله؟ أالعفو...؟!  أالجنة...؟! حياة النعيم الأبدية..بدون عقاب ولا حساب...أن تشرب من حوض النبّي صلى الله عليه وسلم...أن تجلِسَ قربَ النّبيّ صلى الله عله وسلم.. ...فَكّر... قال تعالى: ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ و

الحلقة الأولى: توطئة (2) – الموت ليس نهاية وإنما بدايةُ طريق حتمية لحياة أبدية

قال تعالى:( كل نفس ذائقة الموت )..( إنك ميت وإنهم ميتون )..( خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا)... البعضُ من الناس لا يعي المعاني الحقيقية للسعادة والشقاء .. أو يعلمها لكنه يخفيها بزُخرفٍ مِن القول..بينما المسلم صاحب القلب السليم والعقل الصحيح، المتبع لنبيه المراقب لربه على دراية بذلك من واقع النصوص وأثر الشعور بالخوف من الله ولذة مناجاته ورجاء لقائه وإنْ عاشَ فقيرًا وضيعًا يردّه كبار النّاس وصغارهم وسفهاؤهم. والسّر في هذا الاطمئنان يكمُن في أنه يعيش مع ربِّه سعادة داخلية لا توصف؛ فهو على يقين أن ضيق عيشته في هذه الدّنيا الفانية –التي هي دار ابتلاء وامتحان- سينتهي وقت تسليم روحه لله تعالى لتبدأ سعادته الحقيقية الأبدية وحُرّيته المطلقة التي لا تنتهي، وهو على يقين -أيضًا- أن ذاك المجرم أو الظالم أو المتكبر أو المتعالم أو البخيل مهما ظن أنه سعيد أو تظاهر بذلك أو سعى إلى ذلك أو فاز بكل جوائز الدنيا كــــ(نوبل، وتصنيف فوربس، وأفضل شخصية مؤثرة أو إنسانية، أو أقوى إنسان أو أجمل إنسان، أو أسعد إنسان!!...) جَاعلًا إيّاها أهدافًا سامية، فإنّ سَعادته المزيفة ستتوقف حالما تخرج روحه كارهة لت

الحلقة الأولى: توطئة (1) – لماذا خلقنا الله

مِنَ المعلوم أنّ الله تعالى لم يخلق عباده عبثا ليتنافسوا في البنيان والبنين والشهرة والسلاح، وليتهارشوا في بناء أطول حجرة وأكبر شجرة وأعظم جسر وما إلى ذلك ( [1] ) ؛ لتتحوّل مثل هذه الأشياء –بسبب الغَفلة والغرور- مِنْ وسائل إلى أهدافٍ مطلقة ، قال تعالى ( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ). ولو كان الأمر كذلك لَتكافأت فرص جميع الخلق، فالله سبحانه عدل لا يظلم أحدا، كيف! وقد حَرَّم الظلم على نفسه تعالى. ولكنْ لما كانت هذه الدنيا المؤقتة دار بلاء ومكان ابتلاء جعل الله تعالى خَلْقَه درجات ليتّخذَ بعضهم بعضا سخريا فلا يرتبطون بالدنيا ولا يعيشون لأجلها، قال تعالى (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ) ( [2] ) ليس ليفتخروا بجنسهم أو نسبهم أو قبيلتهم أو جنسيتهم أو لونهم فهذه أمور لا أحد من المخلوقات يملك خياراتها ( [3] ) ، ولو مَلَكوها فلن تعدوَ أن تكون فرصًا متاحة لاستغلالها في إرضاء الله تعالى وحده. فالله سبحانه خلق العباد كما أخبرنا لأجل غاية واحدة وهي عباد

فُرَصٌ استثمارية إصْلاحية في زمن (البلادة) - المقدمة

الحمدُ لله رب العاملين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد؛ فلعلك تتساءل عن غرابة العنوان وما موقع (البلادة) من الإعراب... إنْ كَانَ كذلك فمَا عليك سِوى مواصلة القراءة ليتضح لك المقصود. ففي هذه السّلسلة سأستعرض بإذن الله تعالى غالبَ ما نشاهده في زماننا من سلوكيات تجعلك تتساءل: هل صارتْ لدينا أهداف أخرى غير التي خُلقنا لأجلها..؟! هل حقق الغرب ومن عاونهم أطماعهم في إبعاد المسلمين عن التمسّك بدينهم؟! فسَترى على سبيل المثال أنّ العديد من مجتمعاتنا المسلمة لا تزال أو صارتْ تؤمن بخرافات جديدة خادشة للتوحيد جاءتْ من الغرب المهزوم، بل بَعضها يصادم الشريعة، بل سترى أنّ الأمر أفظع من ذلك كُلّمَا تتوغل في الحلقاتِ. وليس الغرضُ مِن إظهار هذه المشاهدات بشكل مباشرٍ حُبَّ الانتقاد، فأنَا جزء من هذا المجتمع المسلم، وقد عاينتُ من واقع خبرتي الكثير من ذلك؛ فغرضي مِن إظهارها بيانُ الهوة الكبيرة التي بين أقوالنا وأفعالنا وبين ادعاءاتنا وحقائقنا، فلعلها توقظنا من غفلتنا ونسارع قدر المستطاع في إصلاح أنفسنا؛ فإنَّ من طبيعة الإنسان حينما يرى قائمة أفعاله وأقواله أمام عينيه قد تتحرك لديه مشاعر ا