اجتماع الجمعة والعيد...فهل هو لدى بعضنا اجتماع من أجل الافتراق؟

(يقول أحدهم-مجتهدًا-: من صلى العيد تسقط عنه الجمعة دون الظهر.

فيقابله آخر بقوله: تسقط عنه الجمعة والظهر...)

ثمّ بدأ أتباع القولين –من طلبة العلم وغيرهم- حرب الآراء التي عادة ما تنتهي بخسائر فادحة في الأخوة الإيمانية بين الطرفين. مع أنّ مثل هذا الخلاف العمليّ –كما هو مشاهد- أثره في حقيقته غير ظاهر. فلو التزم -عمليًّا- كلا الفريقين صمتَ الحكماء وسمت العلماء، وحَرِصا على البرّ في ذلك اليوم المبارك لما عَلِم أحدهما بفعل الآخر؛ فالذي يرى مَثلًا عدم سقوط الظهر فإنه سيؤديها وبقراءة غير جهرية في بيته، والذي يرى خلاف ذلك يمكنه الجلوس هو أيضًا في بيته مع أهله، فمن سيعلم غيرهما بفعلهما؟ (كما يقول المثل الشعبي: لا مَنْ شَاف ولا من دِرِي)

ولكنْ! لسبب لا نعلمه أبى أحدهما إلا أن يجعل نفسه سببًا في التفريق والتحريض،  إذ ينادي بصوت مرتفع: من يرى خلاف هذا القول فهو مخطئ؟ هكذا أمام الملأ! ولو توقّفتْ هذه التخطئةُ -العامة- عند حدّ التخطئة المعلومة عند العقلاء لهان الخطب، فالأمر سار إلى أبعد من ذلك وحوّله البعض –في زمن التقليد والتعصب لآراء الرجال- إلى اختلاف وإنكارٍ، طريقُه -بلا ريب- تبديع وإخراج من السّنة كما حدث في غيرها من المسائل الفقهية ...بعضها مدرج في قائمة النوازل.

فهل يليق بك أيها النبيل النبيه أن تتخذ مثل هذه المسائل –وهي من مسائل العامّة- الفقهية والخلافية سلاحًا لترويع الأسر المطمئنة، وتمزيق المجتمعات الآمنة في زمن لا بد أن نحرص فيه على تأليف القلوب والاجتماع على الكتاب والسّنّة.

فأين تجد الضرر في أن يأخذ بعض الناس في مسائل الخلاف السائغ –غير المؤثر- بالقول الأول، والآخر بالثاني، والثالث، والرابع؟ فأين تجد الضرر؟

ومقصودي ليس مناقشة المسألة وأقوال المخالفين فلكلّ مجتهد –بإذن الله- نصيبه من الأجر، وإنما تنبيه أنفسنا إلى التعقل في عرض مسائل الخلاف –السائغ- الخارجة عن الإطار الفرديّ. والحذر أيضًا من إصدار أحكام عامّة بأسلوب غريب عن منهج سلفنا الصالح. كلّ ذلك حرصًا على تأليف القلوب ووحدة المجتمعات المسلمة، وهو مقصد لا ينبغي إهماله في معالجة الكثير من القضايا العامة مهما كان تصنيفها.

فإن أخطأتُ فأستغفرُ الله تعالى.

 (والعصر إن الانسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر).

تعليقات

الأكثر قراءة

touch wood , cross finger, Jesus (Christ!)...

مناقشة هادئة: السّبتُ بين صيامه قصدًا وصيامِه تبعًا

البرّ لا يبلى.. والإثم لا يُنسى والديان لا يموت.. فكن كما شئت (كما تَدين تُدان)