امتلاك القدرة على الفعل لا تستلزم الصلاحية لفعله
إذا
كانتْ لديك القدرةُ على فعلِ شيءٍ معيّن؛ فهل معنى ذلك أنّ لك الصلاحية لفِعله؟
لماذا هذا السؤال؟
والجواب: لأنّ
بعض النّاس في زماننا يخْلِطُون بينَ "القدرة" و "الصلاحية"،
إذ يعتقدون أنه إذا كانت لديهم القدرة على فعل الشّيء –وإن كان فاسدًا- يستلزمُ الصلاحية
لفعله متى شاؤوا وكيفما شاؤوا بلا حدود ولا حساب ولا عقاب.
فهذه
مغالطة كبيرة؛ فلنضرب أمثلة لتَوضيح المقصود:
فامتلاك
المالُ لا يعني حرية تكنيزه وتوظيفه في الفساد والحرام... لأنّ القدرة على الفعل لا تستلزم الصلاحية لفعله.
وامتلاك
المكانة الاجتماعية لا يعني استعباد الناس... فالقدرة
على الفعل لا تستلزم الصلاحية لفعله
وامتلاك
المعارِف لا يعني استعمالها في الفساد والإفساد وأخذ الحقوق بالباطل...فالقدرة على الفعل لا تستلزم الصلاحية لفعله
وامتلاك
حق الأبوة والأمومة لا يعني الحرية المطلقة لفعل ما تريد بالأولاد... فالقدرة على الفعل لا تستلزم الصلاحية لفعله.
وامتلاك
السلاح لا يعني الحرية المطلقة لفعل ما تريد به... فالقدرة
على الفعل لا تستلزم الصلاحية لفعله
وامتلاك
المكانة العسكرية لا يعني الحرية المطلقة لفعل ما تريد... فالقدرة على الفعل لا تستلزم الصلاحية لفعله.
وامتلاك
سُلطة مَا أو مكانة إدارية لا يعني الحرية المطلقة لفعل ما تريد... فالقدرة على الفعل لا تستلزم الصلاحية لفعله
وامتلاك
العلم لا يعني الحرية المطلقة لفعل ما تريد...فالقدرة
على الفعل لا تستلزم الصلاحية لفعله.
والأمثلة
كثيرة جدًّا...وتبقى قاعدة: "القدرة على
الفعل لا تستلزم الصلاحية لفعله" صحيحة في جميع صورها. فتكفيها
قوله تعالى (وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم في
ما آتاكم)، قال ابن كثير: (أي ليختبركم في الذي أنعم به عليكم وامتحنكم به ،
ليختبر الغني في غناه ويسأله عن شكره ، والفقير في فقره ويسأله عن صبره)، وقال البغوي:
(ليختبركم فيما رزقكم ، يعني : يبتلي الغني والفقير والشريف والوضيع والحر والعبد
، ليظهر منكم ما يكون عليه من الثواب والعقاب).
والمقصود
في هذه العجالة التذكيرُ بأنّ تصرّفاتِ النّاس فيما آتاهم الله تعالى من مال وعلم
وقوّة وسلطة ومكانة وغير ذلك مضبوطةٌ بنصوصِ الكتابِ والسّنّة، فهِي الحاكمة على
تصرفات الناس. ويدخلُ في ذلك أي قانونٍ بشري يوضع لضبط تفاصيل الحياة ومستجدات العصر؛
فإنَّ الشريعة الإسلامية تبقى هي الإطار العام الذي يضبط به هذه القوانين الطارئة حقوقًا
وواجباتٍ وإرشاداتٍ.
فالله تعالى هو الخالق وإليه الأمر
كله، قال تعالى: (ألا له الخلق والأمر)، وقال تعالى لنبيه (وَأَنِ
احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ) وهو
خطاب عام للنّاس أجمعين، وقال تعالى (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ
أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ
النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)، وقال تعالى (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ
دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِينًا)،
وقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا
الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ
فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ
وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا)، والنّصوص أكثر من
أن تحصر ولا سيما في الوعيد لمن يخالف أمر الشريعة ويتعدّى الحدود ويعتدي.
فمتى
-إذًا- يُفرِّق بعضُنا بينَ (القدرة) و(الصلاحية)، ويَعِي أنَّ امتلاكَ القدرة
على الفعل لا تستلزم الصّلاحية لفعله؟!
تعليقات
إرسال تعليق