للمتزوجين: قبل أنّ تعدد؛ نَصَائِح وتَنْبِيهات

 

الحمدُ لله ربِّ العالمين والصّلاةُ والسّلامُ على نبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أجْمعينَ أمَّا بعدُ:

فهذه نَصائِحَ تخص موضوع التعدد تتخلّلها تنبيهاتٌ ذاتُ علاقةٍ عَسَى أن يجدَهَا القارئُ مكَمّلةً؛ فأقولُ وباللهِ أستعينُ:


مسألة: هل الأصلُ للرّجل أن يُعدّد أم يَكْتفي بواحدة؟!
وهي مسألةٌ تماثلُ -إلى حدٍّ كبيرٍ- اختلافَ أهْلِ اللّغةِ في أصْل الاشْتِقَاق مع أنّه ثابتٌ بقَطْعِ النَّظر عن ماهيةِ أصْلهِ. فسَواءٌ علِمْنا أنَّ الأصلَ في زَواجِ الرّجلِ التّعدّدُ أو عدمُه؛ فلنْ يغيّرَ مِنْ حُكْمِهِ الثَّابِتِ بنَصِّ الكتابِ والسُّنَّةِ.
ولكنّي لـمّا رأيْتُ أنّ هذَا السّؤالَ قد طُرح في أكثرَ مِنْ مناسبةٍ اجتهَدتُ في البحثِ عنْ جوابٍ مقنعٍ فَلَمْ أجِدْ أفضلَ –بحسبِ علْمِي- مِنْ أن أنقلَ -مختصِرًا- مقتطفاتٍ مِنْ كتابِ (حقوق النّساء في الإسلام) للعلاّمةِ محمّد رشيد آل رِضَا (بتَعْليقاتِ العلامة الألْبانيِّ) ففي أثناءِ الكَلام مَا يدُلُّ على مسألتِنَا ولَوْ مِنْ بَعِيدٍ؛ قالَ -رحمهُ اللهُ-: " يقولُ البَاحثون في طبائعِ البَشرِ وتَواريخ البَدْو والحَضَر: إنَّ تعدّدَ الزّوجاتِ في الأقطارِ الكثيرةِ التي اعتادَها أهلُها هو أثرُ مَا كانَ مِن استرقاقِ النّساءِ واتّخاذِ الأقْوِياءِ والأغْنياءِ العددَ الكثيرَ منهُنّ للاستمتاعِ والخدْمةِ والعَظَمةِ؛ ولذلك كان خاصًّا بالملوكِ والأمَراءِ والرّؤساءِ والأغْنياءِ. فَقُدماءُ اليونان الأثينيّين (نسبةً إلى أثينا عاصمةِ اليونان اليَوْم) كانوا يبيعون النِّساءَ في الأسْوَاقِ، ويُبيحون تعدّدَ الزّوجات بغير حسابٍ. وكان التّعدّدُ فاشيًا في أوربة عندَ الغُولْوَا في زمنِ سِيزارٍ، ومعروفًا عند الجَرْمَانيّين في زمَن نَاسِيتْ. وأباحه بعضالبابوات لبعض الملوك بعد الإسلام كشَرْلـُمان مَلك فِرنسة الذي كان معاصرًا للخليفتين المهدي والرشيد مِنَ العبّاسيّين.
يقول الفيْلسوفُ هَرْبَرْتْ سْبَنْسَرْ الانكليزيُّ: إنَّ الزّوجاتِ كانتْ تباعُ في انكلترا فِيما بينَ القَرنِ الخَامسِ والقَرن الحادي عَشرَ.
وفي سنة 1567 ميلادية صدَر قرارٌ من البرلمان الاسكوتلاندي بأنَّ المرأةَ لا يجوز أن تُمنحَ أيَّ سُلطةٍ على أيِّ شيْءٍ مِنَ الأشياء.
وكان تعدّدُ الزّوجاتِ شائعًا بينَ اليهودِ قبلَ السّبْي في مُلوكهم وأنبيائهم.
ولما بعث الله محمّدًا صلى الله عليه وسلم خاتم النبيّين في العَرب وأبْطل شَرعُه الزّنا، وكلَّ مَا هُو في معناهُ مِنْ أنْواعِ الأنْكحةِ وكلَّ مَا هو مبني على عدِّ المرأةِ كالمتاعِ، أو الحيوان المملوك. لم يحرّمْ تعدّدَ الزّوجات تحريمًا مطلقًا، ولم يدَع الرّجال على مَا كانوا عليه مِنَ الإسرافِ في العدَدِ وفي ظُلم النّساءِ، بَلْ قيّدَهُ بالعدَدِ الذِي تَقْتضيه مَصلحةُ النَّسل وحالةُ الاجتماع، ويوافق استعدادَ الرِّجال لَهُ؛ وهو أن لا يتجاوزَ الأربعَ، وبالقدرة على النّفقةِ عليْهِنَّ، واشترَطَ العدلَ لمنع مَا كان مِنْ ظُلم النّساءِ". ومن باب الاستطرادِ قالَ -رحمَهُ اللهُ-:"
وها هنا ثلاثُ مسائلَ قطعيّةٍ:
إحداها: أنَّ الإسلامَ لم يوجِبْ تعدّدَ الزّوجات، ولم يندب إليه، وإنّما ذَكَرَه بِما يدلّ على أنّه قلّما يَسْلَمُ فاعلُه مِنَ الظّلمِ المحرّم. وحكمةُ هذَا وفائدتُه أن يترَوَّى فيهِ الرّجلُ الذي تطالبُه نفسُه به ويحاسبُها على قصْدِه وعزْمِه ومَا يكونُ مِنْ مستقبلِ أمرِهِ في العدْلِ الواجبِ.
الثانية: أنّه لم يحرِّمْه تحريمًا قطعيًّا لا هوادةَ فيهِ لما في طبيعةِ الرِّجال وعادَاتِهم الرّاسخةِ بالوِارثة في جميع العالم مِن عدمِ اقتصارهم في الغالبِ على التمتّعِ بامْرأةٍ وَاحدَةٍ، ومِنْ حاجةِ بعضِهم إلى النَّسلِ في حالِ عُقْمِ المرْأةِ، أوْ كِبَرِها، أو علّةٍ أُخرى مانعةٍ مِنَ الحملِ.
الثالثة: أنّه لهذا وذاك تَركه مباحًا إلّا أنّه قيّدَه بما تقدّمَ آنفًا مِن العدَدِ والشّرْطِ الذي يُتّقى به ضررُه ويُرجَى به نفعُه إذَا التزم فاعلُه جميعَ أحكامِ الإسلامِ وآدَابِه في معاملةِ النِّساءِ"

لطيفةٌ: خَلْقُ اللهِ تعالى زوجةً واحدةً -مِنْ آدَم- لآدَم عليه السّلام قدْ يَستأنسُ بِهِ مَنْ يقَولُ بِطُروءِ التعدُّدِ؛ إذْ لَوْ كانَ الأمرُ خلافَ ذَلك لما عدَل الله تعالى عَن الأصْلِ إلى الفَرْعِ لا سَيما و أنّه -تعالى- قدْ ذَكَرَ مَا امتنَّ به عَلى آدَم مِنْ كمالِ اللَذَّاتِ في مواضع مِنْ كتابه، ومِنْ ذلك قولُه تعالى: (وإنَّ لَك ألّا تجوعَ فيها ولا تعْرَى، وأنّك لا تظْمؤ فَيها ولا تضْحَى). وقولُه تعالى: (وقُلْنَا يَا آدمُ اسْكُنْ أنْتَ وَزوجُك الجَنّةَ، فَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُما).والله أعلم بالصواب!

تنبيه يحتاج إلى تأمّلٍ!: لماذا أُبيح الزّنَا في كثيرٍ مِنَ الدّول؟!
إنَّ المتأمّلَ في أكثرِ الدُّول التِي تُبيح الزِّنَا، والنّاظرَ في تشريعاتِها يجدُها دُوَلًا تحرِّمُ تَعدُّدَ الزّوجاتِ أو تفكّرُ في منعِهِ؛ بَلْ تَعتَبرُه جريمةً في حَقِّ المجتمعِ عامّة والمرْأَة خاصّة!!
وقَدْ نقلَ العلّامةُ محمّد رشيد رضا الحُسيْنيُّ في كتابِه (حقوق النساء في الإسلام) مقتطفاتٍ مِنْ مقالاتٍ لكاتباتٍ مِن انكلترا يَدْعُونَ فِيها حُكوماتِهنّ إلى تحليل التعدُّدِ لحلِّ مشكلةِ تعاسةِ النّساء وازديادِ الأولادِ غيرِ الشّرعيّين، ومِنْ ثمَّ بِناء مجتمعٍ صالحٍ! وممّا نقلَ قوْلُ الكَاتبةِ (اترود): ( ألا! ليْتَ بِلادَنا كبلادِ المسلمين فيها الحِشمةُ والعَفافُ والطّهارةُ. نَعم! إنّه لعارٌ على بِلادِ الانْكليز أنْ تجعلَ بَناتها مثلًا للرَّذَائلِ بكثرةِ مخالطَة الرِّجالِ)، وقالتْ كاتبةٌ أُخرىلقدْ كَثُرتْ الشّاردَاتُ مِنْ بَناتِنَا وعمَّ البلاءُ وقلَّ البَاحِثُون عنْ أسبابِ ذَلك، وإذْ كنتُ امرأةً أَرانِي انظرُ إلى هاتيك البناتِ وقَلْبي يتقطّعُ شفقةً عليهِنَّ وحُزْنًا!!
وماذَا عسىَ يفيدُهُنّ بَثِّي وحُزْني وتوجُّعِي وتفَجُّعِي وإنْ شاركني فيه الناسُ جميعًا؟؟
لا فائدةَ إلّا في العمل بما يمْنعُ هذِهِ الحَالَةَ الرِّجْسَ! وللهِ درّ العالم الفاضل (تومس) فإنّه رأَى الدّاءَ ووَصَفَ له الدّواءَ الكافلَ الشّفاءَ وهوَ (أن يُباحَ للرُّجلِ التزّوجَ بأكثرَ مِنْ واحدةٍ)".
وبالمقابل أسألُ سؤالَ تأمّلٍ -وهو المقصودُ من هذا التنبيه!-: لماذا -يَا ترى- كَثُرَ الزِّنا، وانتشرتْ الموَاخير، و ازدادَ عددُ الأولاد غير الشرعيّين في بلادِ المسْلِمين مَعَ أنّ التعدّدَ مشروعٌ؟!
فهل نَفْهم مِنْ ذَلك أنَّ هُناك أُصولًا يَرْتكزُ عليْها فِقْهُ التَّعددِ؟! رُبَّما لذَاك أوْ لِغيرِهِ.
وَالمقصودُ أنَّهَا قضيةٌ جَدِيرَةٌ بالاهتمام حتى نبنيَ فُروعَها عَلى أصولٍ ثابثةٍ لا تزَعْزها رِياحُ العَوْلمة القَدِيمةِ بحَقِيقَتِها، الجديدةِ بأسَالِيبِهَا.

تنبيهٌ: الكثيرُ مِنَ النّاسِ يَأخذُ فتاوى العُلماءِ في هذِه المْسألةِ بألْفَاظِها دونَ مراعاةِ ما ينبِّهون عَليْه؛ فلا يحفَلُونَ بما يسْمَعُونَ مِنْ شُروطٍ، ولا يكْتَرِثُونَ بِعَواقِبِ الإخْلالِ بِها. مما يجعَلُك تجزِمُ أنّه لم يكن همُّ هذا الصنفِ من الناس سِوى أخذِ الحُكمِ العامّ والمعلومِ -مسبقًا- لدَيْهِمْ. فَتَرَى ذَاكَ المسْتَفْتِي –بعدَ أخذهِ المرادَ!- يرجِعُ إلى كِسرِ بَيْتِه كَـ(عنتر زَمانه! كما يُقال!!) فَيُلْقِي الحُكْمَ عَلَى زَوْجَتِه، فإذَا تحرَّك طَبْعُها مُبْدِيَةً شَيْئًا مِنَ المعَارَضَةِ أَلْقَى عَليْها حُكْمَ الطّلاقِ مُعْلِنًا الفِراقَ بحُجّةِ أنّها تعارضُ حُكْمَ الله تعالى.
فلذلك تجدُ هذا الصنف -وهم يقرِّرون ...أقصد يَسْأَلُونَ!- لا يُذِيعُون للمُفْتي سِوَى مَا لهم، وَأَمَّا مَا عَليْهِمْ فيرمونَه في كَوْكِبٍ آخَر حيثُ لا تحرِّكُها زَلازلٌ وَلا تَلفَظها براكِينُ.

وبمَعْنى آخرَ: يريدُون مِنَ المفْتِي أنْ يُعْطيَهم الضوْءَ الأخْضَرَ كَما يُقال. وبمعنى أوْضَحٍ: الفتوىعند هذا الضّربِ مِنَ النّاسِ! وهم كُثُرٌ- مِنْ بابِ تحصيلِ حاصلٍ لَا أكثرَ. وبالمعْنَى القَرِيبِ إلى الأذْهانِ كأنّه يقولُ: دَعْنِى أتزَوّجُ وأطلّق وأتزوّج وأطلّق كما أَشاءَ؛ فإنّي رجلٌ حرٌّ في تصرّفاتي حرٌّ في حياتَي.

مسألة : احترام(=تقدير) حُسنِ العِشْرةِ.

الأليقُ بكلِّ مَنْ يُفَكِّر في التّعدّد أنْ يفكّرَ –أوّلاً- كيفَ سيُقابلُ حُسنَ العِشرةِ التي بيْنَه وبين زوجَته الأولى؟ فَإذَا كانتْ الزوجةُ لها فَضْلٌ عليْه في كثيرٍ مِنَ الأمُورفخليقٌ به ألّا يكافئَها بِإدْخَالِ مَا يُحْزِنُها.
وَهذَا الخُلُقُ الرفيعُ، وهاتِه الخَلّةُ السَّنِيّة لك أن تأخُذَها مِنْ سيرةِ النّبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ فهو لم يتزوّجْ على أمِّنا خديجةَ رضي الله عنها إلاّ بعد أنْ توفَّاها اللهُ تعالى. فَمعَ أنّ الدواعيَ متوافرةٌ لكِنَّه صلّى الله عليه وسلم لم يفعلْ ذلك، بَلْ امتنعَ عَنْ ذَلِك! والدّليلُ –والله أعلمُ- ما كان من حِرصِهِ عَليْهَا حتّى بَعْدَ وَفَاتِها، فَقدْ كانَ يُكثر مِنْ ذِكْرِها ومَدْحها –رضي الله تعالى عنها وأرضاها- ويقولُ: (إنّها كانَتْ وكانَتْ وكانَتْ وكان لي منهاوَلَدٌ)، بَلْ كَانَ يَبِرُّ بصدِيقَاتِها؛ ويقول:(إنَّ حسنَ العَهد مِنَ الإيمان). ممّا يدُلّ دلالةً قاطِعةً عَلَى أنّه صَلّى اللهُ عليْه وسلَّم كانَ شديدَ الحِرْصِ علَى شُعُورِهَا رَضِيَ الله تعالى عنْها لدرجةِ أنّ أمَّنَا عائشةَ رضي الله تعالى عنها كانَتْ تقولُ : (ما حسدتُ أحدًا ما حسدتُ خديجةَ. وما تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بعدَ مَا مَاتتْ)، والحسدُ هُنا بمعنى الغَيرة كَما هي الرواية الأخرى التي سَتَأتي!
فَلَك أنْ تستغربَ -إذًا- مِنْ واقعِ بعضِ الناس وبعض طلبةِ العِلْمِ النبويِّ –وقس عليهم غيرهم!- حيثُ تكونُ زوجتُه عَونًا له في بدايةِ مشواره أو طلِبه للعلْمِ، وَتُواسيه بجُهدها ووَقتها بَل -أحيانًا- بِمالها، فما أنْ يشتدّ صلبُه ويقوَى عودُه كافَأَها بما يَجرَحُ شُعورَها ويكسر خاطِرَها . فهل من العدْل والإحسان –أيها المسلم المتعَلِّمُ!- أن تُدْخلَ الحزن إلى مَنْ أحسن إليك بنفَسْه ومَالِه ووَقْته؟

تنبيه: لا يُؤْخذ من كلامي –هذا- أنّها محاولةٌ للتّنفيرِ -عياذًا بالله!- وإنّما المقصودُ مراعاة ماكانَ مِنَ الزّوجة مِنْ حُسْن المعاشَرة كما فعلَ النّبيُّ صلَّى اللهُ عليْه وسلّمَ مع خديجةَ رضي اللهُ تعالى عنْها! (ومَنْ يتَّقِ اللَه يجعلْ لَهُ مخرجًا)، ويقولُ النّبيُّ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلّم (وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللهُ وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبرِ).

تنبيه آخر: الحفاظ على مَشَاعِرِ الزّوجة الأولى التي لها فَضلٌ ومِنَّة على زوجِها ليسَ المقصودُ مِنْ ورائه جعلَه مَانِعًا أو اتخاذَه ذريعةً للمنعِ، ولكنَّها إشارةٌ نبويّةٌ حريٌّ بالرَّجلِ أنْ يُمعنَ النظرَ فِيها قبلَ أنْ يُعدِّدَ جَلْبًا لمصلحةٍ عامّةٍ لا تتحقّق إلا بدَفْعِ مصلحَتِه الخاصّةٍ.


تنبيه ثالث: إنّ لزومَ التّفْكِيرِ في المآلات قبل الإقدام على أمر ٍعامّ وهامٍّ -كهَذَا- مِنْ تمامِ فقْهِ وَاقِعِ النُّصوصِ، فليس مِنَ الحِكْمة في شيْءٍ أنْ نُعنّفَ مَنْ يُطالِبُ غَيرَه بالتأنّي والابْتِعَادِ عن التَّفْكيرِ الأُحاديّ. أَوَليْسَ (التأنّي مِنَ اللهِ) بنصِّ الحديثِ الصّحيحِ ؟

مسألة : مراعاة الزّمان
لا يختلف اثنان أنَّنا في زمنٍ كَثُرَ فيه الجهل وضاق فيه الوقتُ بسبب كثرة المشاغِل، ومِنَ المعلوم أنَّ مِنْ آثار التّعدّد تضايقَ الوَقتِ. لِذَا فالذي آتاه اللهُ بسطةً في العِلْمِ –مثَلًا!- لَا بدَّ أنْ يُراعِيَ مَا إذا كانتْ الأُمّة بتعدّده ستُحرم مِنْ جُهودِه في نَشْر العِلْمِ، وَإِمَاطة الجهلِ عَنها لا سيما وأنّنا في عصرٍ كَثُر فيه التّأْليفُ وقلَّ فيه التدريسُ التربويُّ. فالمسألة ليستْ مقصورةً عَلى الإحصانِ فحسبُ، وإنّما لها جوانبُ أخرى دقيقةٌ لابُدَّ مِنَ النّظر فيهَا لتَجْتمعَ المصالحُ، ويَصلُح المجْتمعُ.

تنبيهٌ: بعض طلبة العلم –للأسف- يقلّدُ كِبارَ المشايخ في الأمور الدُّنيوِية مِنْ غيرِ فَهْمٍ ولا صحيح نَظرٍ، فَيأخذون أفعالهم كأنّها السّنن التِي لا دافع لها، ومَنْ يُعارضهم فقدْ عارضَ كتابَ ربنا وسنّةَ نبينا. فهل هذَا سلوكٌ يُرضِي ربَّنا؟

مسألة: هل كرهُ المرأةِ للتعدّدِ غريزيٌّ؟
بعضُ الناس من الوسط العلمي لم يفرّق –في هَذِه المسألةِ- بينَ الكُره أو البغض الطبيعيّ والبغض الشّرعي مع أنه نظيرُ الخوفِ الطّبيعيِّ، والفَرحِ الطّبيعيِّ وغيرهما؛ فعقَّدوا المسألةَ حتى أخرجوها عن إطارها الشّرعيِّ؛ كمَنْ علّقَها بالإيمان ثمّ قرّرَ أنَّ التِي تَكرَهُ تعدّدَ زَوجِها ناقصةُ الإيمان، بل قاربتْ حُدَودَ الكُفْرِ!!!!!
مع أنّ القضيّة لا تَعْدُو أن تكون داخلةً ضِمن البُغض الفطريِّ لا أكثر...فالمرأةَ المستقيمةَ لا تبغضُ هذَا الحُكْمَ مِنْ حَيْثُ أنه حكمٌ شرعيٌّ؛ وإنّما هي –مِنْ وَاقِع فِطْرَتِها-لا تحبُّ أن يقاسِمَها أحدٌ في حبِّ زوجها حتى ولو كانتْ أمّهُ؛ فكيفَ بغيرها؟!! وهذا مَا يُسَمّى بالغَيْرةِ.
فالأمر -إذًا- متعلّق بالمحبّة الطبيعيّة لَا بالحُكْمِ الشَّرْعيِّ؛ فَلزم التفريق.
وعَن الكُرهِ الطبيعيِّ يقول تعالى: (كُتب عليْكم القتالُ وهو كُرهٌ لكم)، فاللهُ تَعالى «أخبر أنّه –أي القتال- مكروهٌ للنفوس لما فيه مِنَ التّعب والمشقَّةِ، وحُصولِ أنواع المخاوفِ والتَّعرّضِ للمَتَالِف"(1).
أَيْ نَعَمْ!  الاعتراضُ على حكم الله تعالى وشَرْعِهِ، ومحاربته ورَدُّ مثلِ هذِه الأحكام الشّرعيّة بدَعوَى ظُلمِ المرأةِ أو بغيرها مِنَ الدّعاوَى المنفلتة المناقضةِ للشِّرعِ كُفرٌ لا يتناطح فيه اثنان، ومعتقدُه كافرٌ متى توفّرتْ فيه الشّروط وارتفعتْ عَنه الموَانع.
تنبيهٌ أوّل: فِعلُ الكُفرِ لا يلزم مِنْه –بالضرورة!- كُفْرُ الفَاعِل.
تنبيه ثانٍ: التّكفيرُ العيني ليس لمن هبّ ودبَّ بَلْ هُوَ مِن اخْتصاصِ العُلَماء الأتقياءِ، والقضاةِ الأزكياءِ.

مسألة: لماذا نستدل بما وقع مِنْ أمّهاتِ المؤْمِنين؟ وهل مِنَ العَدلِ نفيُ الغَيرة الطبعيّة؟
بعضُ الناس يحاول نفْيَ غَيْرةِ النّساءِ الطّبعية في هذِه المسألة، فمثلُ هذا العبد -في الواقع- لم يتصور القضيّةَ إلا في الذهن هذا مِنْ جِهَة. ومِنْ جهةٍ أُخْرَى، لمـّا نستدلّ بما حدثَ مع أمّهات المؤمنين زوجَاتِ النّبيّ صلى الله عليه وسلم فذاك مِن بابِ قياسِ الأوْلى مِنْ وَجْهَين:
الأوّلُ: غَيْرتُهن وقَعَتْ في زمَنِ التّشريعِ. و-الثّاني- وقعَتْ مَع رَسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليْهِ وسَلّمَ.
حتى إنّ عائشةَ رضي الله تعالى عنها قالتْ للنبيِّ صلى الله عليه وسلّمَ في حقِّ صَفيّةَ رضي الله تعالى عنها: (حَسبُك مِنْ صفيّةَ كذا وكذا) ؛ وكانتْ رضي الله تعالى عنها تصرّحُ -أحيانًا- بغَيْرتها كما في الحديث الصّحيحِ: (مَا غِرْتُ على امرأةٍ قطُّ، ما غِرْتُ على خديجةَ)؛ هذا وهي ميّتة؟! فكيف لو كانتْ حيّةً رضي الله تعالى عنها وعن سائر أمّهاتِ المؤمنين؟
ومع ذلك لم ينزِلْ فيهِنّ من الوحي مَا يَدْفع مثلَ هذه الغَيْرة. لماذا؟
لأنّها فطريةٌ، والشّرع -كما هو معلُومٌ- لم يأتِ ليصادِمَ الفِطْرة، بل حَثَّ على لُزِومِها في أكْثَرَ مِنْ مُناسبةٍ.

استطرادٌ: مسألة في أقْسامِ الغَيرةِ :
الغَيرةُ كغَيْرها مِنَ الأخْلاقِ مِنْهَا المذْموم ومنْها المحْمودُ؛ والغَيرةُ المحمودةُ المطلوبةُ مَا وَافقتْ غيرةَ اللهِ تعالى.
وتَوضِيحُ ذَلك يقولُ الإمامُ ابنُ القيّمِ في "ررضة المحبين":" وأصلُ الغَيْرةِ الحميّةُ والأنَفةُ؛ والغَيرةُ نَوعان: غَيرةٌ للمَحبوبِ وغَيْرة عليْه.
فأما الغيرة لَهُ: فَهِيَ الحَميّةُ لَه، والغَضبُ لَهُ إذَا اسْتُهين بحقّهِ، وانْتُقِصَتْ حُرْمَتُه، ونَالَه مَكْروهٌ مِنْ عَدُوّهِ؛ فَيَغضبُ لَه المحبُّ ويْحمَى، وتَأخُذُه الغَيْرةُ لَهُ بالمبادرةِ إِلى التَّغْيِيرِ وَمُحاربةِ مِنْ آذاه؛ فَهذِه غَيْرةُ المحبِّين حَقًّا وَهِيَ مِنْ غَيْرةِ الرُّسُلِ وَأَتْباعِهِمْ لِله مِمّن أَشْرك بِه وَاستَحلَّ محارِمَه وَعصَى أَمْرَهُ.
وأمّا الغَيرةُ على المحْبوبِ فَهي أَنفة المحِبِّ وَحَميّتُه أنْ يشارِكَه في محبُوبِه غيْرُه؛ وَهذِه أيْضًا نَوْعَانِ:
غَيْرة المحِبِّ أنْ يُشاركَه غيْرُه في محبُوبِه، وَغيْرةُ المحْبوبِ عَلى محبّه أن يحبَّ مَعَه غيْرَه".
وفي تَفْصيلٍ بَدِيعٍ -آخرَ- يَقولُ –رحِمه اللهُ- في «الفوائد»(ص 96) في معرِضِ كلامِه عنِ الغَيرة على المحبوبِ مِنْ جهةِ العَبْدِ والخالِقِ وَمَا يُضادُّها: « الغَيْرةُ غَيرتَانِ غَيْرةٌ عَلى الشّيءِ وَغَيْرةٌ مِنَ الشّيْءِ؛ فَالغَيرةُ عَلى المحْبوبِ حِرْصُك عليْه، والغَيْرةُ مِنَ المكْروهِ أنْ يُزاحمَكَ عَليْه؛ فَالغَيرةُ علَى المحْبوبِ لا تتمّ إلّا باِلْغَيْرةِ مِنَ المزُاحِمِ، وهذِه تُحمدُ حيثُ يَكونُ المحبوبُ تُقبَحُ المشَارَكَةُ في حبِّهِ كالمخْلُوقِ وَإمَّا مَنْ تَحسُنُ المشاركةُ في حبِّهِ كالرّسولِ والعَالم بَلْ الحبيبِ القَريبِ سُبْحانَه فَلَا يُتصوّر غَيرةُ المزاحمةِ عَليْه؛ بل هُوَ حَسدٌ!
والغَيْرةُ المحْمودَة في حقّه أنْ يَغارَ المحِبُّ على محبّتِه لَهُ أَنْ يَصْرِفَها إلى غيْرهِ، أو يغارَ عليْها أنْ يطّلعَ عليْها الغَيرُ؛ فَيفْسِدَها عَليْهِ أَوْ يَغارَ عَلى أعْمالِه أنْ يكونَ فِيهَا شيْءٌ لِغَيْرِ محبوبِه، أوْ يغارَ عليْها أن يشوبَها مَا يَكْرَهُ محبُوبُه مِنْ رِياءٍ، أوْ إعْجابٍ، أَوْ محبّةٍ لإشْرافِ غَيرهِ عَليْهَا، أو غَيبتِه عنْ شُهودِ مِنّتِه عَليْه فِيهَا. بِالجملة فغيرتُه تقْتضي أنْ تكونَ أحْوالُه وأعمالُه وأفعالُه كلُّها للهِ، وَكذَلِك يَغارُ على أَوْقاتِه أنْ يَذْهبَ مِنْها وقتٌ في غيْرِ رِضَا محبُوبِهِ.
فَهذِه الغَيْرةُ مِنْ جهةِ العَبدِ؛ وهِيَ غيرةٌ مِنَ المزاحِمِ لَهُ المعوّقِ القَاطعِ لَه عنْ مرضاةِ محبوبهِ.
وأما غيْرَةُ محبوبِه عليْهِ فَهِيَ كراهيةُ أنْ ينصرفَ قلبُه عنْ محبّتِه الى محبّةِ غيْرِه بحيثُ يُشارِكُه في حبِّه وَلهذَا كانَتْ غيرةُ الله أنْ يَأتيَ العبدُ مَاحرَّم عَليْه وَلأجْلِ غيْرتِه –سُبْحانه- حرّمَ الفاحِشةَ مَا ظهرَ مِنْها ومَا بَطنَ؛ لأنَّ الخلقَ عبيدُه وإماؤُه؛ فهوَ يغارُ على إمَائِه كما يغارُ السّيدُ على جوارِيهِ وللهِ المثلُ الأعلَى، ويغارُ عَلَى عبيدِه أنْ تكونَ محبّتُهم لِغيْرهِ بِحيْثُ تحملُهم تِلْكَ المحبّةُ عَلى عِشْقِ الصّورِ، ونَيْلِ الفَاحشةِ مِنْها".(2).
والخلاصَةُ أنّ«الغَيْرة المحبوبَة هي مَا وَافقتْ غيرَةَ الله تعالى، وَهذِه الغَيْرةُ هيَ أنْ تُنْتهكَ محارمُ الله، وَهيَ أنْ تُؤْتَى الفَواحشُ الباطنةُ والظّاهرةُ، لكنّ غيرةَ العبدِ الخاصّة هيَ مِنْ أنْ يشركَه الغيرُ في أهْلِه؛ فغيْرتُه مِنْ فاحشةِ أهْلِه ليستْ كغَيرتِه مِنْ زِنَا الغَيْرِ؛ لأنَّ هذَا يتعلّقُ بِه وَذاك لا يتعلّقُ بِه إلَّا مِنْ جهةِ بُغْضِه لمبْغَضَة اللهِ...
فَالغَيْرةُ الوَاجبةُ ما يَتضمَّنُه النّهيُ عن المُخزِي، والغَيْرةُ المستحبّةُ مَا أوْجبَتْ المستحبَّ مِنَ الصّيانةِ. وأمّا الغيْرة في غير رِيبة (3) وهيَ الغيرةُ في مُباحٍ لا ريبةَ فِيه؛ فهيَ ممّا لا يحبُّه اللهُ، بَلْ يَنْهَى عَنهُ إذَا كانَ فِيهِ تَرْكُ مَا أمَر اللهُ؛ وَلِذَا قالَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليْه وسلّمَ: «لا تمنعُوا إماءَ اللهِ مساجِدَ اللهِ؛ وبيوتُهنَّ خيرٌ لهنَّ".
وأمَّا غَيرةُ النِّساءِ بعضهنَّ مِنْ بَعضٍ فَتِلْك ليسَ مأمُورًا بِها ولكنَّها مِنْ أمورِ الطّباعِ؛ كالحزْنِ على المصائِب؛ ففي الصّحيحين عنِ الّنبيِّ صلّى اللهُ عليه وسلَّم أنّه قالَ: «كُلُوا! غارَتْ أمُّكُم» لما كَسرتْ القَصعةَ، وَقالتْ عائشةُ: «أوَلا يغارُ مِثلي على مِثلِكَ (4). وَقالَتْ:«ما غِرتُ على امرأةٍ مَا غِرتُ على خديجةَ" (5).
فَـ«أصلُ الدّينِ الغَيْرةُ؛ ومِنْ لَا غَيرةَ لَهُ لا دينَ لَه فَالغَيرةُ تحمِي القَلبَ؛ فتحْمِي لَه الجوارِحَ؛ فتدْفعُ السّوءَ والفَواحِشَ، وعدَمُ الغَيرةِ تُميتُ القَلْبَ؛ فَتموتُ الجوَارحُ فَلا يَبْقَى عِنْدَهَا دَفْعٌ البتّةَ، ومِثلُ الغَيْرةِ في القَلْبِ مِثْلُ القُوّةِ التِي تَدْفَعُ المرَضَ وَتُقاوِمُه فَإذَا ذَهَبَتْ القُوّةُ وَجَدَ الدّاءُ المَحلَّ قابِلًا وَلَمْ يجِدْ دافعًا فَتَمَكّنَ فَكانَ الهلاكُ"(6). فَأَهْلُ الإيمانِ -إذًا- «يَغارُونَ ممّا يكْرهُه الله ويحبّونَ ما يحبُّه اللهُ" (7).


مسألة: هل للغيرة حدٌّ؟!
يقولُ ابنُ القيّمِ في كِتَابِه «الفَوَائِدِ»(ص 318):"وَالغَيْرةُ لَها حدٌّ؛ إذَا جَاوزته صَارَتْ تُهمةً وَظنًّا سيِّئًا بالبرِيءِ، وإذَا قَصّرتْ عنْهُ كانَتْ تَغافُلًا وَمَبادِئ دِياثَة"ٍ.
وهُوَ خِطابٌ لصِنْفٍ مِنَ النّساءِ اللّواتي يتّتبعنَ أزْواجهُنّ حَذْو القَذّة بالقذّة وَلَوْ اسْتطَعْنَ أنْ يدْخُلْنَ مَكانَ عمَلِه لَدَخَلْنَه!! فمثلُ هَذا السّلوكِ السّلْبِيِّ يؤُولُ –في الغالب!-إلَى حُدُوثِ تَصدُّعٍ في جدُرِ الثّقةِ بيْن الزّوجين؛ فَتَنقضّ عليْهما الفِتنُ مِنْ كُلّ جَانبٍ.
يَقولُ الحافظُ ابنُ حجرٍ : «وأصلُ الغَيرة غيرُ مكتْسبٍ لِلنّساءِ لكنْ إذَا أَفْرَطتْ في ذَلك بقدرٍ زَائدٍ عَليْهِ تُلامُ ...
وحيْثُ غارَتْ مِنْ زَوْجِها في ارْتِكابِ محرّمٍ إمّا بالزّنا -مَثَلاً- وإمّا بِنَقْصِ حَقِّها، وجَوْرِه عليْهَا لِضرَّتِها، وإيثارِهَا عَليْها؛ فإذَا تحقّقتْ من ذَلك أوْ ظَهرتْ القَرائنُ فيه فهي غَيْرةٌ مَشروعَةٌ؛ فَلَوْ وَقعَ ذَلك بِمُجرّدِ التّوهُمِ عنْ غيرِ دليلٍ فَهيَ الغَيرةُ في غير رِيبةٍ، وأمّا إذَا كانَ الزّوجُ مُقْسِطًا عَادِلًا، وأدّى لِكلِّ مِنَ الضَّرتيْنِ حَقَّهَا؛ فَالغَيرةُ مِنهُما إنْ كَانَتْ لما في الطّباعِ البشرِيّةِ التِي لم يَسْلَمْ مِنْها أحدٌ مِنَ النّساءِ؛ فَتُعذَرُ فِيهَا مَا لم تَتجاوزْ إلى مَا يحرَّمُ عَليْهَا مِنْ قَولٍ أو فِعْلٍ وَعلى هذَا يحملُ مَا جَاءَ عَنْ السَّلَفِ الصَّالِحِ مِنَ النِّساءِ في ذَلِكَ"(8).

لَطيفة في الغيرة الطّبيعية على المحبوبِ مِنْ جهةِ المرأةِ: هذا النوع من الغيْرةِ عند النِّساءِ قَدْ يُعدّ من أسلحتها في المحافظةِ على زوْجِها، فهيَ لما كانَ قلبُها يأبى أن يُقاسِمَه -في حبِّ زوجِها- قلبُ امْرَأةٍ أُخْرى أغلَقَ -كذَلك- بابَه دُونِ غيرِهِ مِنَ قُلُوبِ الرِّجالِ. ولو كانَ الأمرُ خلافَ ذلك لَرُبّما ضَعُفتْ المحبّةُ لزَوْجِها؛ بَلْ –ربما!- زالتْ. وهَكذَا –بفضلِ اللهِ- جاءَ قلبُها -أصالةً- مستعدًّا لئَلا يُطبَعُ فيه إلّا صورتُه. مما يقودُنا إلى القوْلِ بأنَّ مشروعيةَ التّعدّدِ للرَّجُلِ جاءَ -ابتداءً- مُوَافِقًا لأصْل خِلْقَتِه، ومنعَه عنِ المرأةِ جَاءَ مُوَافِقًا -كذَلك- لأصْلِ خِلْقَتها، هذا بالإضافة إلى حكم أخرى ذكرها العلماء. والله أعْلمُ بالصّوابِ.

لطيفة أخرى: هناك فارقٌ دقيقٌ بينَ الغِبطَة والغَيرة؛ فالغِبطةُ تَستَدعي التّنافسَ و«تتضمّنُ نوعَ تَعَجّبٍ وفَرَحٍ للمَغبوطِ واسْتِحْسَانٍ لحالِه(9) "وهي مِنْ جِنْسِ قوله صَلّى اللهُ عليهِ وسلّم (لا حسدَ إلا في اثنتين)؛ فَالحَسدُ هُنا بمَعْنَى الغِبطة؛ وهو «حَسدُ مُنافَسَةٍ يُطالِبُ الحاسِدُ بِه نفسَه أن يكونَ مثلَ المحسودِ لا حسدَ مهانةٍ يتمنّى بِه زوالَ النّعمةِ عن المحسودِ"(10) وعَلى هذَا المعنَى جاءَ قولُه تَعالى: (وفي ذَلك فَلْيتنافَسِ المتنافِسُونَ، بَيْنما الغَيرةُ تستدْعي نوعًا مِنَ التّنافرِ والتّدَافُعِ الذي قَدْ يؤولُ إلى الحَسدِ المذْمُومِ.

مسألة في طبيعة القلب في مقابلة التعدّد
كونُ بعضِ النّساء تساوَى عندهنّ تعدّدُ أزواجِهنّ مِنْ عَدَمِه مِنْ حيثُ طبيعة القَلْب –لا أقصدُ الصّبر!- فلا يعدّ منقبةً عندَ بَنِي البَشر، بل أعدّه نقصًا في التّركيبةِ العاطفية لمثل هذه المرأة؛ لأنَّ الله تعالى فَطرَها على الغَيْرة فلا يحسُن بَنا مطالبتها بِالنّقيض أو نوافِقُها على التحلّي بِهِ .ففعلُها يحَاكِي ذَاكَ الَّذِي لم يتمكّنْ قلبُه مِنَ الجَمْعِ بينَ الرّحمةِ والصّبر؛ فرَاح يضْحكُ في جنازةِ ابْنِه كدَليلٍ على صَبْره، بينما النّبيُّ صلى الله عليه وسلم –وهو قدوتنا- َبكَى لموْتِ ابْنه وابْن بِنْتِه وسعدٍ وابن مظعون وغيرِهِم.

ولذلك نظائر...
ولهذه المسألة نظائر أخرى؛ فالنبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلم امتنع عنْ أكلِ الضَبّ لأنَّ نفسَهُ تعافُه؛ فهل هذا الامتناع يُناقضُ حِلَّهُ ؟
وكان يفضِّلُ عائشةَ الطّاهرةَ المطهَّرةَ على سَائِرِ نِسَائه، فهل هذا التّفضيلُ في المحبّةِ يناقضُ العَدْل؟!
وقالَ في الحديثِ الصّحِيح: «لا حَسدَ إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالاً، فسَّلَطَه على هَلَكَتِه في الحقِّ، ورَجلٌ آتاه اللهُ حِكمةً فهو يقضي بها ويعلّمُها»؛ فهَلْ -على مَذْهِبِ المعَارِضِ- ننْفِي ما أثبته النبيُّ صلى الله عليه وسلم؟!
وفي الحديثِ الآخر عن أبي هُريرة رضي الله عنه: أنَّ فقراء المُهاجرين أتَوْا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ،فقالوا: ذَهبَ أهلُ الدّثورِ بِالْأجورِ يُصلُّونَ كَما نُصلِّي، ويصومُونَ كما نَصومُ ويتصدَّقُونَ بِفضولِ أمْوَالِهم!! فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : « أفلا أُعَلِّمُكُمْ شَيْئًا تُدْركُونَ بِه مَنْ سبقَكم، وتَسبِقُون به مَنْ بَعدَكم، ولا يكونُ أحدٌ أفضلَ مِنْكم إلا مَنْ صنعَ مثلَ مَا صَنَعْتم؟".
قالوا: بلى يا رسول الله!
قال: «تُسَبّحون وتحْمَدون وتُكَبّرون ، دبُرَ كلِّ صلاةٍ ثلاثاً وثلاثين مرّةً".
فرَجع فقراءُ المُهاجرين على رسول الله صلّى اللهُ عليه وسلَّم فَقالوا: سَمِع إخْواننا أهلُ الأموال بما فَعَلْنا، ففعلُوا مثلهُ؟
فقالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْه وسلّمَ : «ذلِك فضلُ الله يؤتيه من يشاءُ".
فهل ننْفِي الصّبرَ عن هذَا الفقيرِ الذي اغتبطَ ذَاك الغنيَّ وتمنَّى لَوْ كانَ لدَيْه مِنَ المالِ مَا لِلْغَنيِّ لِيفعلَ مثلَ فِعْلَه؛ فَيلْحقَ بِهِ؟

ثمّ إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يقلْ لهم -ابتداءً-(اتّقُوا الله واصبروا)- كما فَعلَ مَعَ تِلكُم المرْأةِ التِي مرّ َبها وَهِي تَبْكِي عَلَى صَبِيٍّ لها؛ حيثُ قال لها آمِرًا: "اتقي الله! واصبري"، لماذا؟
لأنّ هذه المرأة أظهَرَتْ أعمالًا تُنافي الصّبرَ، كالنِّياحة وَمَا أشبه ذلك، وَلَمْ يَكن المقصودُ مِنْ أَمْرِهِ منعَها مَنِ البكاءِ، لأنّه أمر فطري وأنه- صلَّى اللهُ عليْه وسلَّمَ- بيّنَ في حدِيثٍ آخرَ بأنَّ البُكاءَ رحمةٌ، فعَنْ أسَامةَ بْنِ زيدٍ لما رُفع للنّبيِّ صلّى اللهُ عليه وسلَّمَ ابنُ ابنته بَكَى، قال سعدُ بنُ معاذٍ: ما هذا يا رسول الله ؟ فقالَ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ:"هذه رحمةٌ جَعلَها اللهُ -تعالى- في قُلوبِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبَادِهِ وإنّما يَرْحَمُ اللهُ مِنْ عِبادِهِ الرُّحماءَ".

والخلاصة : أنّ أفعالَ القَلْب الغريزيّةِ الفِطْريّةِ لا يحقُّ لَنا إلغاؤها ولا إعدَامها، وَذَلِكَ لموافَقَتِها فطرةَ اللهِ التِي فَطَر النّاسَ عَليْهَا. فحسْبُ المسلم أن يضبطَ مثلَ هذِه القَضايَا بِما يُوافِقُ الشَّرعَ الحنيفَ. فالمطالبةُ بإلغائِها قَدْ يدْخلُ في التَّبدِيلِ المذْمومِ؛ فلنحذَر ذلك.

إشكالٌ وجوابُه: قدْ يَعْتَرضُ معْتَرِضٌ فيقول بِأَنَّ اللهَ تَعَالى يُزَوِّجُ أهلَ الجَنَّةِ مَا شَاؤُوا مِنَ الحُورِ الْعِينِ؛ فَأْيْنَ تَذْهبُ غَيرةُ النِّسَاءِ؟
وجوابُه حَديثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عَنْه أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:«أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَدخلُ الجنّةَ عَلَى صُورَةِ القَمَرِ ليلةَ البَدرِ، وَالّذِينَ عَلَى آثَارِهِم كَأَحسَنِ كَوْكَبٍ دُرّيٍّ فِي السَّمَاءِ إِضَاءَةً؛ قُلُوبُهُم عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ لَا تَبَاغُضَ بَيْنَهُمْ وَلَا تَحَاسُدَ لِكُلِّ امْرِئٍ زَوْجَتَانِ مِن الحورِ العِينِ يُرَى مُخُّ سُوقِهِنَّ مِن وَرَاءِ العَظمِ وَاللَّحمِ"، مع قوله تَعالى: (ونَزَعْنا مَا في صدُورِهم مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا على سُررٍ مُتقَابِلِين). فالنُّصُوصُ تَدُلُّ عَلَى أنَّ صُدُورَ أَهْلِ الْجَنَّةِ بيضاءُ نقيّةٌ. والله عليم حكيم. وبِذَلِكَ يَرْتَفِعُ الإشْكَالُ.

مسألة تحتاجُ إلى تأمّل: ما وجه اعتراض النبيِّ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلّمَ على زواج عليّ من الثّانِية؟
والجوابُ في حديثِ المِسْوَرِ بنِ مَخْرَمَة -ذاتِه-: قالَ النّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلّمَ:« إنَّ فاطمةَ بنتَ محمّدٍ بَضعةٌ مِنّي، وإني أكْرَهُ أنْ تَفْتِنُوهَا، وإنّها -وَالله!- لا تجتمع بنتُ رَسولِ اللهِ وبِنْتُ عدُوِّ الله عِندَ رَجُلٍ وَاحِدٍ أَبَدًا»؛ وذلك خَوْفَ أنْ تٌفْتَتَنَ فَاطمةُ رَضي الله عنها في دِينِهَا! وقدْ عدَّ الإمام ابنُ القيّم في «روضة المحبين»(ص 312) غَيْرةَ فَاطِمَة على زَوْجِها عليٍّ رضيَ اللهُ تعالى عنْه وغَيْرتَه صلى الله عليه وسلم لها مِنْ قَبيلِ الغَيْرةِ المحْبوبِةِ، ثمّ قَالَ: «فَلَمْ تكنْ غَيْرتُه لمجرّد كراهية الطّبع للمُشَارَكَة بل الحامِلُ عليْهَا حُرْمةُ الدِّينِ، وقدْ أشارَ إلى هذَا بقَوْله:"إنّي أخَافُ أنْ تُفْتنَ في دِينها"".
فهل لَنا أنْ نَقيسَ على هذَا الحَدِيثِ مَسائلَ أخرى؟
فَلَوْ مثَّلْنَا في مَسْألَتِنا بزوجةٍ مريضةٍ بالقَلْبِ لا تتحمل الصدمات، وزوجها يَعلمُ أنَّ زَوجته لو عَلِمَتْ بأمْرِ زواجِه لربما ماتَتْ؛ فَهل ننْصحه بالتّعدّد أم مَاذَا؟
يقول السّعديّ في تفسير آية التعدُّدِ التي في «سورة النّساء» مقرّرًا قاعدةً عامّةً، ونصيحة هامّةً:«إنَّ تعرّضَ العَبدِ للأمرِ الّذِي يُخاف مِنه الجوْرُ والظّلمُ، وعَدمُ القِيامِ بالواجبِ –وَلو كَانَ مباحًا- أنه لا يَنْبغِي لَهُ أنْ يتعرَّضَ لَهُ، بَلْ يَلزمَ السِّعةَ والعَافيةَ؛ فإنَّ العَافيةَ خيرُ مَا أُعطيَ العَبدُ". وقال –قبل ذلك-:"فإنّما يُباح لَه ذَلك إذَا أَمِنَ عَلى نَفْسِه الجَوْرَ وَالظّلمَ"، فَهل بَعدَ التّسبّب في مَوْت الزّوجة أو انهيارها أو تشرّدِ أوْلادِها ظلمٌ أكبر؟

لطيفةٌ اجتماعيّة:  مِنْ أهم شروط نظريةِ (في الاجْتِماع قوّة) ألّا يشتدَّ وَهَنُ وضَعفُ الْأَفْرادِ المجتمعين.فَماذا يُغْنِي اجتماعُ أَبلهٍ بَأبلهٍ –مِثلِه!- لِدَفْعِ عَدوٍّ ذكيٍّ؟
ولا أذهبُ بخيالك بعيدًا، فأنتَ تَرى عُلَماءَ الحديثِ يشترطون للحكمِ -بِطريق الجَمْعِ- على صحّةِ حديثٍ ضعيفٍ ألّا تكونَ الطّرقُ المجموعةُ شديدَةَ الضّعف وإلا زادته ضَعفًا على ضَعفٍ. والتّعدّدُ -بدَوْرِه- إنْ لم تتوفر فيه شروطُ القوّة -فبلا شكّ!- سيكون نهايته مِنَ الاجْتماع الذي مآله التشتّتُ والتفرُّقُ.
فَيلَزَمُك –أيُّها الرّجلُ- التّفْكيرُ والتَأَنِّي في هَذَا الْأمْرِ قبلَ أن يضمَّ الناس قصّتَكَ إلى القِصَصِ التِي انْتهتْ إلى أحْزانٍ.

لطيفةٌ غريبةٌ فلا تتعجل بالإنكار: فلو كُنْتَ –أيها المتعلِّمُ-  في مكانٍ فَشَا فيه الجهلُ، وذَاعَ فيه الظّلمُ، وبانَ الجَشعُ، وظَهرَ الطّمعُ ، والنِّساءُ يشْكُونَ ظُلْمَ وقهْرَ الأزْواج، وعَلَتْ نِسْبةُ الطّلاقِ؛ فهل سيكونُ لديْكَ الفقهُ اللاّزمُ كَفقهِ عُمرَ -رضي الله عنه- عامَ المجاعةِ فتقومُ أنَتَ بِمنعِ التعدّدِ –مؤقّتًا- في منطِقَتِك حتّى يعودَ الرّجالُ إلى صَوَابِهم؟! أم تُغمِضُ عيْنيَك وتَصمُّ أُذُنيْكِ؟
وهَذِه الصّورةُ المريرةُ لم آتِ بِها مِنْ صُنعِ خَيالي بَلْ هي مُستلّة مِنْ وَاقِعِنَا، ولا سِيّما أنّ الرَّجُلَ –كما لا يخْفَى!- مجبولٌ عَلى حبِّ الاسْتِبْدَادِ في الأفعالِ، والتّفرّدِ في الْآراءِ. وَمَنْ كانَ ذَا حَالَه مع أهْلِهِ فَلَيْسَ مِنْ خِيارِ النّاسِ، ففي الحديثِ الصّحِيحِ عندَ أبي دَاوُد وَغيْرِه- لَـمّا رخّصَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّمَ لِلرّجلِ ضرْبَ امْرَأتَه "أَطَافَ بِآلِ رَسُولِ اللهِ-صلَّى اللهُ عليه وسلم- نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ ؛ فَقَالَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم-: "لَقَدْ طَافَ بِآلِ مُحَمَّدٍ نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ لَيْسَ أُولَئِكَ بِخِيَارِكُمْ ".
وكانَ -كذلك- صلى الله عليه وسلم يُكْثِرُ مِنْ التَعَوُّذِ مِنْ قَهْرِ الرِّجَالِ، فَعَنْ أنَس رضيَ اللهُ تعالى عَنهُ قَالَ:"كُنتُ أَخدُمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَليْهِ وَسَلَّمَ إِذَا نَزَلَ؛ فَكُنتُ أَسْمَعُهُ كَثِيرًا يَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِن الهَمِّ وَالحَزَنِ وَالعَجْزِ وَالكَسَلِ وَالبُخلِ وَالجُبْنِ وَضَلَعِ الدَّينِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ"".
فَلَكَ أنْ تتصَوّرَ نَتاجَ تزَواجِ هَذَا الاستبْدادِ الطبعيِّ مَعَ جَهْلِ أهْلِ هَذَا الزّمَانِ وبُعْدِهم عَنْ دينهِمْ رجالاً ونساءً؟
فإلى مَتَى –أيّها المسلمون!- نظّل لا نَضْبط وَاقعَنَا الاجتماعيِّ بِالنّظرِ إلى سِيرةِ النَّبيِّ صلَّى اللهِ عَليْهِ وسلّمَ؟!
وإلى هُنا يَنْتَهِي المقصودُ فإنْ أصبتُ فَمِنَ الله تعالى وحدَه وإنْ أَخطأْتُ فَأسْتغفِرُ الله.
وصلّى اللُه وسلّمَ عَلى نَبِيِّنا مُحَمّدٍ وَعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ.


___________________
(1) تيسير الكريم الرحمن، للعلّامةِ السّعدي.

(2) انظر تفصيلًا مماثلًا في "مدارج السالكين"(3/ 42).
فائدة: لا يقال الغَيْرةُ على اللهِ وإنّما الغيرةُ للهِ؛ يقول الإمام ابن القيم:«وأمّا الغَيرةُ على الله فَأعظمُ الجهْلِ وأبْطلُ الباطلِ، وصاحبُها مِنْ أعظمِ النّاس جهلًا ورُبّما أدّتْ بِصَاحبِها إلى مُعَادَاتِه وَهُوَ لا يَشعرُ، وإلى انسلاخِه مِنْ أصلِ الدّينِ والإسْلامِ ورُبّما كانَ صَاحبُها شرًّا على السَّالكين إلى اللهِ مِنْ قُطّاع الطريقِ بلْ هُو مِنْ قُطّاع طِريقِ السَّالكينَ حقيقةً، وأَخْرجَ قطعَ الطّريقِ في قَالبِ الغَيْرةِ. وأين هذا مِنَ الغَيرة لله التِي تُوجبُ تَعظيمَ حُقوقِه وَتصفيةِ أعْماله، وأحواله لله؟! فَالعَارفُ يغارُ لله والجاهلُ يغار عَلى الله فلا يُقال أَنا أغارُ على الله ولكنْ أَنا أغارُ لله". مدارج السالكين، 3/44.

(3) إشارة إلى حديث جابر بن عَتِيكٍ: أن نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول:« مِنَ الغَيْرَةِ ما يُحِبُ الله، ومنها ما يُبْغِض الله: فأما التي يُحِبها الله؛ فالغيرة في الريبَةِ. وأما الغَيْرَة التي يُبْغِضُها الله؛ فالغيرة في غَيْرِ رِيبةٍ. وإن من الخُيَلاءِ ما يُبْغِضُ الله، ومنها مايُحِبُ الله: فأما الخُيَلاءُ التي يُحِبُ الله؛ فاختيال الرجل نَفْسَهُ عند القتال، واختياله عند الصدقة. وأما التي يبْغِضُ الله؛ فاختياله في البَغْيِ- قال موسى- والفَخْرِ ». انظر"الإرواء" (1999).

(4) والحديث عندَ مُسْلِمٍ برقم(2815) وغيره.
(5) الاستقامة، 2/ 7.

(6) الداء والدواء، (ص 45) بتحقيق عليّ الحلبيّ .
(7) الاستقامة، 2/ 10.
(8) فتح الباري،  9/ 326
(9) مدارج السالكين، (3/ 48).
(10) الفوائد، (ص 316) (فصل خير الأمور أوسطها) لابن القيم.

تعليقات