تحقيق التوازن في حياتنا..ما رأيكم؟

 تحقيق التوازن في حياتنا..ما رأيكم؟




حينما نفهم أن تحقيق التوازن في حياتنا منحصر بين الحياة العملية والشخصية فهذا أحسبه فهمًا خاطئًا؛ إذ بفعلنا ذلك نكون قد أغفلنا طرفا ثالثا، وهو الأهم في المعادلة كلها، بل هو أساسها؛ وأقصد: إصلاح الآخرة. والسؤال هنا: إلى أي جانب توضع؟ وفي جواب المسألة تفصيل:

فما كان من باب التوحيد، واجتناب المحرمات، وفعل الواجبات من العبادات والمعاملات فيوضع في قاعدة الميزان؛ إذ إن حياة الإنسان السعيدة لن تقوم لها قائمة بدون إصلاح الآخرة. فعلى سبيل التمثيل؛ فلو اعتبرنا فريضة الصلاة ضمن الحياة الشخصية فليس يمكن بأي حال من الأحوال إخراجها عن وقتها أو التقليل مِن عدد الصّلوات أو الركعات لتحقيق توزان ما مع الحياة العملية، فلذلك كان الموضع اللائق بها أن تكون ضمن مكوّنات قاعدة الميزان لا الكفّتان. ومثلُ ذلك يُقال في تحقيق التوحيد وصوم رمضان والزكاة والنّفقات والصّدقات الواجبة، وإعانة المحتاج، والصّدق، وتحري الحلال، واجتناب المحرمات وغير ذلك من الأحكام التي اتخذت صِبغة الوجوب أو التحريم، ويلحق بذلك بذل الوسع في تعلّم هذه الأحكام. فانظر الآن كيف أنّ هذا الميزان لن يكون له وجود أو ثبات بدون هذا الأساس القوي الذي تبنى عليه الكفتان.

فالميزان في ظني مُكوّن من ثلاثة أجزاء:

قاعدته: والمتمثلة في "إصلاح الآخرة" بما يجب على المسلم فعله أو اجتنابه، ويدخل في ذلك العِلم بهذه الأحكام وتبليغها وقت الحاجة كلّ بحسب ما أنعم الله عليه من الاستطاعة.

وكفة "الحياة الشخصية": ويدخل في ذلك الحياة الأسرية، وفعل السّنن، والاستزادة من الطاعات والأخلاق، وتعلّمها، وتعليم الناس فضائل الأعمال والأخلاق.

وكفّة "الحياة العملية": وهو العمل الذي يوفر وسائل العيش.

ومكونات هذين الكفتين هما الدّاخلتان في معنى قول النبيّ صلى الله عليه وسلم: (ولكن يا حَنظَلة ساعةً وساعةً)، وأمّا فعل الواجبات واجتناب المحرمات فليس فيهما مساومة، بل بهما تصلح حياتنا الشخصية والعملية، وبذلك نكون قد وضعنا أنفسنا في الاتجاه الصحيح نحو تحقيق العبودية المطلقة لله تعالى والفوز بما وعدَ -سبحانه- عبادَه الصالحين.

والمقصود أننا حينما نحلل هذه المسألة فينبغي الانطلاق من حقيقة أن حياتنا ليست مجزأة بل هي واحدة، وينبغي التعامل مع ظروفها وفق ما يضمن لنا الفلاح في الآخرة، وهذا لا يتحقق إلا بمعرفة الأولويات معرفة صحيحة.

 

تعليقات