مِنَ الفروقات الجوهرية بين العلم النّبوي ومجالات علوم النّفس البشرية العصرية


يقولون –مثلًا- في مجال التنمية البشرية إذا أردتَ أن تزرع الثقة في نفسك ردّد مثل هذه الكلمات من باب التحفيز: أنا واثق من نفسي، أنا واثق من نفسي، أنا واثق من نفسي... وإذا  أردت الغنى فقل: أنا غني، أنا غني، أنا غني،... وهكذا..

وانظر إلى العلم النبوي (الوَحي) كيف يعالج مثل هذه المسائل، بل أشدّ منها؛ كالقلق والخوف المفرط وما إلى ذلك:

فقد قال أنس رضي الله عنه: كُنْتُ أخْدُمُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا نَزَلَ، فَكُنْتُ أسْمَعُهُ كَثِيرًا يقولُ: "اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بكَ مِنَ الهَمِّ والحَزَنِ، والعَجْزِ والكَسَلِ، والبُخْلِ والجُبْنِ، وضَلَعِ الدَّيْنِ، وغَلَبَةِ الرِّجَالِ".

وعن ابن مسعود أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يدعو: "اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ الهُدَى وَالتُّقَى، وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى".

وقال النّبيُّ صلَّى الله عليه وسلّم لابنِ عبّاسٍ: "يا غلام، إني أعلِّمُك كلماتٍاحفَظِ اللهَ يحفَظْك، احفَظِ اللهَ تجِدْه تُجاهَك، إذا سألتَ فاسألِ اللهَ، وإذا استعنْتَ فاستعِنْ باللهِ، واعلمْ أنَّ الأمةَ لو اجتمعتْ على أن ينفعوك بشيءٍ، لم ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبه اللهُ لك، وإنِ اجتمعوا على أن يضُرُّوك بشيءٍ لم يضُروك إلا بشيءٍ قد كتبه اللهُ عليك، رُفِعَتِ الأقلامُ وجَفَّتِ الصُّحُفَ".

فأيهما أسلم وأفضل:

كلماتٌ كالسّراب مِن اختراع البشر تُردّد بِلا وعي ولا أثر...

 أمْ:

أذكار وأدعية مِن الوَحْيِ ذات أثر وبركة وأَجرٍ صدَرت عن الأعلم بما يُصلح الخلق؛ قال تعالى : (أَلَا بِذِكْرِ اللهِ تَطمئِنّ القُلوب

فضلًا عن أن هذه العلوم العصرية والمتعلقة بالنّفس البشرية -كيفما كان اسمها- قد أهملَتْ في العديدِ من المسائلِ لزوم الارتباط بأصلٍ؛ وهو الدِّينُ الإسلاميّ، وإرجاع النّفس إلى فطرتها؛ قال تعالى (فَأَقِمۡ وَجۡهَكَ لِلدِّینِ حَنِیفࣰاۚ فِطۡرَتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِی فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَیۡهَاۚ لَا تَبۡدِیلَ لِخَلۡقِ ٱللَّهِۚ ذَلِكَ ٱلدِّینُ ٱلۡقَیِّمُ وَلَـٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا یَعۡلَمُونَ)؛ قال السِّعدي: "فلا يتعرفون الدين القيّم، وإن عرفوه لم يسلكوه".

فكأن هؤلاء -أي مَن يَفصل النّفسَ البشريّة عن فطرتها- قد تَوصّلُوا إلى معرفة أسرار هذه النفس وما يَصلُح لها ويُصْلحَها...هكذا من عند أنفسِهم؛ وهذا الأمر بعيد عنهم مهما فعلوا وحاولوا إقناع الناس بذلك!

والأمثلة في بيان الفروقات كثيرة جدًّا؛ ولكنْ كما يقال: القليل يدل على الكثير! وليس لنا –في هذا المقام- إلا أن نقول كما كان يقول نبيُّنا صلى الله عليه وسلم: "اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن علم لا ينفع، ومن قول لا يُسمع، اللهم إني أعوذ بك من شر هؤلاء الأربع".


تعليقات