من صور الكذب على النفس أو على الغير

 

من صور الكذب على النفس أو على الغير

 

👇

 

 

الكثير منا في هذه الأيام -الغريبة- يتصدر في الكلام عن الاطمئنان والتوكل والسعادة وأساليبها، وأحيانا أخرى عن الزهد مصورًا نفسَه لجمهوره أنه فَهم الدنيا وخباياها، وأنه يعمل ويعيش فقط ليومه ليس كما يفعل غيره، وأن أموره -إن جاز التعبير- في الكمال والتمام . وبالمختصر المفيد -كما يقال- يُظهر لك نفسه على أنه وصل إلى ما وصل إليه الأولون.

 

ولا أشك في النوايا -فكلنا معنيون بالأمر-، ولكن دعنا نختبر أنفسنا ونسألها هذا السؤال الحاسم:

 

 

لو قيل لك ستموت بعد ساعات أو غدا؛ فماذا كنت ستفعل بعدها مباشرة ؟

 

فهل ستبقى كما أنت؛ لا تزيد عما أنت عليه منتظرا بكل شوقٍ لقاء ربك سبحانه وتعالى؟

 

أم ستسارع للحاق بما فاتك من الخير حينما كنتَ غافلا منبهرا بالتقدم التقني والحرية الكاذبة وتصديق الشعارات الزائفة وتحقيق الأحلام والأمنيات؛ فتسارع فور سماعك بالخبر إلى ملء أوقاتك بالذكر والاستغفار، والاعتناء بالتوحيد ومقتضياته، ودفع الصدقات والزكوات، وإقام الصلوات، ونشر الخير والبر والعلم النافع والفضيلة، ورد المظالم، والانخلاع من الربا والقمار والرشاوى وكل ما يهدد صفحات حسناتك، والتوقف فورا عن تضييع الأوقات والأخلاق والأموال في المباريات والمسابقات التافهة والأفلام والمسلسلات والتوقف عن متابعة ما يسمّى بالمشاهير وما شابه ذلك، وتسارع إلى التحلي بطيب الأخلاق وإفشاء السلام والإيثار وحب المسلمين المؤمنين الموحدين ونصرتهم وحب الصحابة والسير على منهجهم.... إلى غير ذلك؛ فقائمة الأولويات والأعمال الحسنة وأبواب الخير طويلة...

 

فإن كنت من الصّنف الأول فأنت إذًا على خط الأولين الذين عرفوا الله حق المعرفة وعظموا رسوله حق التعظيم، ووَقَّروا صحابته الكرام الذين جاهدوا بالمال والنفس وصنعوا أجيالا فتحوا مشارق الأرض ومغاربها ونشروا العلم النافع والتقدم الذي يخدم سبب الوجود وهو عبادة الله سبحانه وتعالى، فحازوا أولى المراتب في شتى ميادين الحياة؛ فليس من نعمة ينعم بها المسلمون اليوم إلا ولصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فضل في ذلك.

 

وأمَّا إن كنت من الصنف الثاني فأنت في الواقع كنتَ تكذب على نفسك وعلى جمهورك؛ فأفِق مِنَ الآن مِنْ غيبوبتك، وأعد النظر في فهمك للدنيا وأنت قوي صحيح سليم معافى، ولا تنتظر ولا تؤجل فإن الله تعالى يقول: (إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون) فلستَ -بعد قوله تعالى- في حاجة إلى أن يقولها لك طبيب أو ما شابه..

ثم احرص على ألّا تتكلم بكلام كبير قد لا تستطيع تحمل آثاره حينما تتعرض للاختبارات الحقيقية! 


فالأمر جدّ ليس بالهزل!

 

فنسألك اللهم العفو والعافية، والهداية إلى أحسن الأعمال والأخلاق

 

وصلى اللهُ وسلمَ وباركَ على نبينا محمد وعلى آله وصحبه

تعليقات